للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

وعبر عن المصلين بالساجدين؛ لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد،

٢٢٠ - ثم أكد ما سلف بقوله: {إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {هُوَ السَّمِيعُ} لأقوال عباده فيسمع ما تقول {الْعَلِيمُ} بحركاتهم وسكناتهم وبسرهم ونجواهم، فيعلم ما تنويه وتعمله، كما قال سبحانه في آية أخرى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}.

وقصارى ذلك: أنه هو القادر على نفعكم وضركم، فهو الذي يجب أن تتوكلوا عليه، وهو الذي يكفيكم ما أهمكم.

٢٢١ - ولما قال (١) المشركون: لم لا يجوز أن يقال: إن الشياطين تنزل بالقرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما أنهم ينزلون بالكهانة على الكهنة، وبالشعر على الشعراء .. فرق الله سبحانه وتعالى بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين الكهنة والشعراء، فقال: {هَلْ أُنَبِّئُكُم} وأخبركم أيها المشركون {عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} بتقدير همزة الاستفهام قبل حرف الجر، وبحذف إحدى التاءين من {تَنَزَّلُ}؛ أي: هل أخبركم أيها المشركون جواب على من تتنزل الشياطين؟

٢٢٢ - أقول لكم في جوابه {تَنَزَّلُ} الشياطين {عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ}؛ أي: كثير الإفك والكذب {أَثِيمٍ}؛ أي: كثير الإثم والمعاصي، وهو اسم للأفعال المبطئة عن الثواب؛ أي: تتنزل (٢) الشياطين على المتصفين بالإفك والإثم الكثير من الكهنة والمتنبئة كمسيلمة الكذاب، وسطيح، وطليحة؛ لأنهم من جنس الشياطين، وبشهم مناسبة بالكذب والافتراء والإضلال. فإن مسيلمة من المتنبئة، وسطيح وطليحة من الكهنة - جمع كاهن؛ وهو الذي يخبر عن الأمور المستقبلة، والعرات الذي يخبر عن الأمور الماضية. اهـ شيخنا.

وحيث كانت ساحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزهة عن هذه الأوصاف استحال تنزلهم عليه.

٢٢٣ - وجملة قوله: {يُلْقُونَ السَّمْعَ} في محل الجر على أنها صفة لـ {كُلِّ أَفَّاكٍ}


(١) المراح.
(٢) روح البيان.