للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، وعلم ينتفع به من بعده، وصدقة جارية".

والخلاصة: أنهم طلبوا من ربهم أمرين: أن يكون لهم من أزواجهم وذرياتهم من يعبدونه، فتقر بهم أعينهم في الدنيا والآخرة، وأن يكونوا هداة مهتدين، دعاة إلى الخير، آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر.

وقرأ ابن عامر وابن كثير ونافع وحفص عن عاصم (١): {وَذُرِّيَّاتِنَا} على الجمع، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر وطلحة: {وذريتنا}: على الإفراد، وقرأ ابن مسعود وأبو حيوة وأبو الدرداء وأبو هريرة: {قُرّات}: على الجمع، والجمهور على الإفراد.

تنبيه (٢): وإعادة الموصول في المواضع السبعة مع كفاية ذكر الصلات بطريق العطف على صلة الموصول الأول للإيذان بأن كل واحد مما ذكر في حيز صلة الموصولات المذكورة وصف جليل على حدته، له شأن خطير حقيق بأن يفرد له موصوف مستقل، ولا يجعل شيء من ذلك تتمة لذلك، وتوسط العاطف بين الصفة والموصوف لتنزيل الاختلاف العنواني منزلة الاختلاف الذاتي.

٧٥ - ولما بين سبحانه صفات المتقين المخلصين .. ذكر إحسانه إليهم بقوله: {أُولَئِكَ} الموصوفون بالصفات الثمانية السابقة، والمستجمعون لتلك الخصال الفاضلة {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}؛ أي: يثابون أعلى منازل الجنة، والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، والغرفة: الدرجة العالية من كل بناء مرتفع، وهي اسم جنس أربد به الجمع، كقوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}، {بِمَا صَبَرُوا}؛ أي: بسبب صبرهم على مشاق التكاليف، وقمع الشهوات، وتحمل المجاهدات. فـ {ما} مصدرية، و {الباء}: سببية {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا}؛ أي: في الغرفة من جهة الملائكة؛ أي: يستقبلون فيها، ويجدون من الملائكة {تَحِيَّةً}؛ أي: دعاء بطول حياة {وَسَلَامًا}؛ أي: دعاء بسلامة من


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.