للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

روي عن ابن عباس أنه قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال، وجميع الخلائق، إلا الثقلين، وكادت تزول منه لعظمة الله وكماله.

وقرأ ابن كثير (١)، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، وأبو بكر عن عاصم: {تَكَادُ} بالتاء الفوقية وقرأ نافع، والكسائي: {يكاد} بالياء التحتية، وقرأ جميعًا {يَتَفَطَّرْنَ} بالياء والتاء مشددة الطاء، ووافقهما ابن كثير، وحفص عن عاصم، في {يَتَفَطَّرْنَ} وقرأ أبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم: {ينفطرن} بالنون، وقرأ حمزة، وابن عامر في مريم: مثل أبي عمرو، وفي الشورى مثل ابن كثير، ومعنى {يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ}: يقاربن الانشقاق من قولهم. قال ابن قتيبة: وقوله تعالى: {هَدًّا}؛ أي: سقوطًا.

٩١ - وقوله من: {أَنْ دَعَوْا} وسموا ونسبوا {لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}؛ أي: من نسبتهم الولد للرحمن، بدل (٢) من الهاء في منه السابق في {يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} أو منصوب (٣) بحذف اللام المتعلقة بـ {تكاد} أو مجرور بإضمارها؛ أي: تكاد السموات تتفطرن، والأرض تنشق، والجبال تخر؛ لأن دعوا له سبحانه ولدًا ودعوا من دعا، بمعنى سمى المتعدي إلى المفعولين، وقد اقتصر على ثانيهما، ليتناول كل ما دعي له من عيسى، وعزير، والملائكة، ونحوهم، إذ لو قيل دعوا، عيسى ولدًا .. لما علم الحكم على العموم، أو من دعا بمعنى نسب الذي مطاوعه ادعى إلى فلان؛ أي: انتسب إليه،

٩٢ - وقوله: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) أي: ما يصلح له (٤)، ولا يليق به اتخاذ الولد؛ لأن الولد يقتضي مجانسةً، وكل متخذ ولدًا يتخذه من جنسه، والله تعالى منزه عن أن يجانس شيئًا، أو يجانسه شيء، فمحال في حقه اتخاذ الولد، حال (٥) من فاعل {قَالُوا} وينبغي مضارع بغى: إذا طلب؛ أي: قالوا اتخذ الله ولدًا، والحال أنه ما يليق به - تعالى - اتخاذ الولد، ولا يتطلب له لو طلب مثلاً لاستحالته في نفسه، وذلك لأن الولد بضعة من الوالد، فهو مركب


(١) زاد المسير.
(٢) المراح.
(٣) روح البيان.
(٤) زاد المسير.
(٥) روح البيان.