الناس، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لى منه مخرجًا، فوالله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يأمر بضربه، فأنزل الله عليه الوحي، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...} الآية.
وأخرج أبو يعلى مثله من حديث أنس، قال الحافظ ابن حجر: اختلف الأئمة فى هذه المواضع، فمنهم من رجح أنها نزلت فى شأن عويمر. ومنهم من رجح أنها نزلت فى شأن هلال. ومنهم من جمع بينهما؛ بأن أول من وقع له ذلك هلال وصادق بمجيء عويمر أيضًا فنزلت فى شأنهما معًا. وإلى هذا جنح النووي، وتبعه الخطيب، فقال: لعلهما اتفق لهما ذلك فى وقت واحد. قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال، فلما جاء عويمر ولم يكن له علم بما وقع لهلال أعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحكم، ولذا قال فى قصة هلال: فنزل جبريل، وفي قصة عويمر قد أنزل الله فيك، فيؤول قوله: قد أنزل الله فيك؛ أي: فيمن وقع له مثل ما وقع لك. وبهذا أجاب ابن الصباغ فى "الشامل"، وجنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين.
التفسير وأوجه القراءة
١ - قال القرطبي: مقصود هذه السورة ذكر أحكام العفاف والستر وغيرها، من الأحكام الدينية المفصلة. {سُورَةٌ}. قرأ الجمهور سورة بالرفع؛ أي: هذه الآيات الآتي ذكرها سورة أنزلناها، على أنه خبر مبتدأ محذوف، وجوزوا أن يكون مبتدأ خبره محذوف؛ أي: سورة أنزلناها فيما أوحينا إليك يا محمد أو فيما يتلى عليك. قال الزجاج: وهذا قبيح (١)؛ لأنها نكرة وإنما الرفع على إضمار هذه.
وقرأ عمر بن عبد العزيز ومجاهد وعيسى بن عمر الثقفي البصري وعيسى بن عمر الهمداني الكوفي وابن أبي عبلة وأبو حيوة ومحبوب عن أبي عمرو وأم الدرداء {سُورَةٌ} بالنصب بفعل محذوف يفسره المذكور بعده، فيكون من باب الاشتغال؛ أي: أنزلنا سورة أنزلناها، أو بفعل مقدر غير مفسر، تقديره: أتل