للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الزجاج ما قاله مجاهد.

ومعنى الآي: أي (١) إن الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به، وعملوا صالح الأعمال، ابتغاء المثوبة من ربهم، لم بساتين الفردوس في أعلى الجنة وأوسطها منزلًا، أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنها أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقها عرش الرحمن تبارك وتعالى ومنه تفجر الأنهار".

حالة كونهم خالدين ولابثين فيها أبدًا، لا يبغون تحولاً عنها إلى غيرها، قال ابن عباس: لا يريدون أن يتحولوا عنها كما ينتقل الرجل من دار إذا لم توافقه، إلى دار أخرى، وخلاصة هذا: أنه لا مكان أعز منها عندهم، ولا أرفع شأنًا. حتى تنازعهم إليه أنفسهم، وتطمح إليه أبصارهم،

١٠٩ - ثم نبه إلى عظيم شأن القرآن بقوله: {قُل} يا محمد لهؤلاء المجادلين لك {لَوْ كَانَ الْبَحْرُ}؛ أي: جنس ماء البحر {مِدَادًا} وحبرًا {لِكَلِمَاتِ رَبِّي}؛ أي: لكتابتها وهي حكمه وعجائبه، والكلمات هي: العبارات عنها كما في "الجلالين" {لَنَفِدَ الْبَحْرُ}؛ أي: لفنى جنس ماء البحر بأسره، مع كثرته ولم يبق فيه شيء؛ لأن كل جسم متناه {قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ} وتفنى {كَلِمَاتُ رَبِّي}؛ أي: من غير (٢) أن تفنى معلوماته وحكمه، فإنها غير متناهية لا تنفد، كعلمه فلا دلالة للكلام على نفادها بعد نفاد البحر.

و {قَبْلَ} هنا بمعنى غير أو بمعنى دون، وإنما اختار جمع القلة على الكثرة، وهي الكلم - تنبيهًا على أن ذلك لا يقابل بالقليل، فكيف بالكثير كما في "بحر العلوم" {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ}؛ أي: بمثل ماء البحر الموجود {مَدَدًا} تمييز؛ أي: زيادة ومعونة .. ما نفدت كلمات - الله تعالى - لأن كلمات الله غير متناهية، فلا نفاد لها، فحذف جواب الشرط الثاني لدلالة الأول عليه، والواو (٣) لعطف ما بعده على جملة مقدرة مدلول عليها بما قبلها؛ أي: {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ}


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.