للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجبال تحميهم منه، وقرأ الجمهور (١): {يَنْحِتُونَ} بكسر الحاء وقرأ الحسن وأبو حيوة بفتحها، وقرىء: {بيوتًا} بضم الباء وكسرها سبعيتان.

٨٣ - ثم ذكر ميقات هلاكهم فقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ}؛ أي: أهلكتهم صيحة من السماء فيها صوت صاعقةٍ، وصوت كل شيء في الأرض، فتقطعت قلوبهم في صدورهم حالة كونهم {مُصْبِحِينَ}؛ أي: داخلين في وقت الصبح؛ أي: فأخذتهم صيحة الهلاك حين كانوا في صحوة اليوم الرابع من اليوم الذي أوعدوا فيه بالعذاب، كما جاء في قوله: {فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} وفي (٢) سورة الأعراف {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}؛ أي: الزلزلة، ولعلها من لوازم الصيحة المستشبعة لتموج الهواء تموجًا شديدًا، يفضي إليها، فهي مجاز عنها، وقوله {مُصْبِحِينَ} حال من الضمير المنصوب؛ أي: داخلين في وقت الصبح ذهب اليوم الرابع، وهو يوم الأحد، والصبح يطلق على زمان ممتد إلى الضحوة، وأول يوم من الثلاثة اصفرت وجوه القوم، وفي الثاني احمرت، وفي الثالث اسودت؛ فلما كملت الثلاثة .. صح استعدادهم للفساد والهلاك، فكان اصفرار وجوه الأشقياء في موازنة إسفار وجوه العداء.

٨٤ - {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ}؛ أي: فما دفع عنهم ما نزل بهم من عذاب الله {مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} من نحت البيوت وجمع الأموال، وكثرة العدد وجمع العدد، بل خروا جاثمين هلكى حين حل بهم قضاء الله تعالى، روي (٣) أن صالحًا - عليه السلام - انتقل بعد هلاك قومه إلى الشام بمن أسلم معه، فنزلوا رملة فلسطين، ثم انتقل إلى مكة فتوفي بها، وهو ابن ثمان وخمسين سنةً، وكان أقام في قومه عشرين سنة، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال لما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر وهو ذاهب إلى تبوك قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين" ثم قنع رأسه، أسرع السير حتى جاوز الوادي، متفق عليه.


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.