صالح عليهم المواثيق أنه إن فعل ذلك آمنوا، فقبلوا، فصلى ركعتين ودعا الله تعالى، فتمخضت تلك الصخرة كما تتمخض الحامل، ثم انفجرت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء، وكانت في غاية الكبر، ثم نتحت ولدا مثلها في العظم، فآمن به جندع ورهط من قومه، وأراد أشراف ثمود أن يؤمنوا به، فنهاهم ذؤاب بن عمرو والحباب صاحبا أوثانهم، ورباب بن صمعر كاهنهم، فمكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر وتشرب الماء، وكانت ترده غبا، فإذا كان يومها .. وضعت رأسها في البئر، فما ترفعه حتى تشرب كل ما فيها، ثم تفرج بين رجليها، فيحلبون ما شاؤوا حتى تمتلىء أوانيهم، فيشربون ويدخرون، وكانت إذا وقع الحر تصيفت بظهر الوادي، فيهرب منها أنعامهم، وإذا وقع البرد تشتت ببطن الوادي، فتهرب مواشيهم، فشق ذلك عليهم، وزينت عقرها لهم امرأتان: عنيزة بنت غانم، وصدقة بنت المختار لما أضرت به مواشيهم، فعقروها واقتسموا لحملها وطبخوه، فرقى ولدها جبلا
مسمى بقارة، فرغا ثلاثا، وقال لهم صالح عليه السلام: أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب، فلم يقدروا عليه، وانفتحت الصخرة بعد رغائه، فدخلها فقال لهم صالح: تصبحون غدا وجوهكم مصفرة، وبعد غد وجوهكم محمرة، واليوم الثالث وجوهكم مسودة، ثم يصبحكم العذاب، فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه، فأنجاه الله تعالى إلى أرض فلسطين. ولما كان اليوم الرابع واشتد الضحى تحنطوا بالصبر، وتكفنوا بالإنطاع، فأتتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض، فتقطعت قلوبهم وهلكوا.
٨٠ - {وَ} لقد أرسلنا {لُوطًا}؛ أي: لوط بن هاران بن تارخ، وهو ابن أخ إبراهيم، وإبراهيم عمه:{إِذْ قالَ}؛ أي: وقت قوله: {لِقَوْمِهِ} أهل سدوم، وكان قد أرسل إليهم، وذلك أن لوطا بعد موت والده هاجر مع عمه إبراهيم عليه السلام إلى الشام، وكانت ولادته في الطرف الشرقي من جنوب العراق في موضع يسمى أرض بابل، فنزل إبراهيم عليه السلام أرض فلسطين، ونزل لوط عليه السلام الأردن، فأرسله الله تعالى إلى أهل سدوم يدعوهم إلى الله تعالى، وينهاهم عن فعلهم القبيح، وهو قوله تعالى:{أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ}؛ أي: أتفعلون الفعلة الخسيسة القبيحة التي هي غاية في القبح، وكانت فاحشتهم: إتيان الذكران في