للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمع رأيهم عليه، وفيهم علي بن أبي طالب ذكره أبو حيان.

٨١ - والاستفهام في قوله: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ} للإنكار والتوبيخ أيضا، وهذا أشنع مما سبق؛ لتأكيده بأن وباللام واسمية الجملة. ذكره أبو السعود، وهذا بيان لقوله: {أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ}؛ أي: أئنكم أيها القوم لتأتون وتطؤون أدبار الرجال {شَهْوَةً}؛ أي: لمجرد الشهوة واللذة، لا للولد ولا للألفة، وقوله: {مِنْ دُونِ النِّساءِ} حال من الواو في {تَأْتُونَ}؛ أي: تطؤون أدبار الرجال حال كونكم متجاوزين النساء، وتاركين إياهن، أو حال من {الرِّجالَ}؛ أي: حال كونهم منفردين عن النساء. والمراد بالإتيان هنا: الاستمتاع الذي عهد بمقتضى الفطرة بين الزوجين، وداعيته الشهوة وقصد النسل.

وإنما (١) ذمهم وعيرهم ووبخهم بهذا الفعل القبيح الخبيث؛ لأن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان، وركب فيه شهوة النكاح لبقاء النسل وعمران الدنيا، وجعل النساء محلا للشهوة وموضعا للنسل، فإذا تركهن الإنسان، وعدل عنهن إلى غيرهن من الرجال، فكأنما أسرف وجاوز الحد واعتدى؛ لأنه وضع الشيء في غير محله، وموضعه الذي خلق له؛ لأن أدبار الرجال ليست محلا للولادة التي هي مقصودة بتلك الشهوة المركبة في الإنسان.

وقد سجل عليهم هنا أنهم يبتغون الشهوة وحدها، فهم أخس من سائر أفراد الحيوان؛ لأن الذكور منها تطلب الإناث بدافع الشهوة والنسل الذي يحفظ النوع، ألا ترى أن الطيور والحشرات تبدأ حياتها الزوجية ببناء الأعشاش في أعلى الأشجار، أو الوكن في قلل الجبال، أو الأحجار في باطن الأرضين، ولكن هؤلاء المجرمين لا غرض لهم إلا إرضاء شهواتهم، ومن يقصد اللذة وحدها دون النسل .. فقد أسرف فيها، وانقلب نفعها ضرا، وصار خيرها شرا.

وقرأ نافع وحفص عن عاصم (٢): {إنّكم} - بهمزة واحدة مكسورة - على


(١) الخازن.
(٢) المراح.