للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. فصيغة الجمع للإيذان بأن للقائل طائفةً يساعدونه ويتابعونه في تلك المقالة، كما يقال: بنو فلان قتلوا فلانًا، والقاتل منهم واحد.

{وَأَطَعْنَا} هما في الأمر والنهي، والإطاعة فعل يعمل بالأمر لا غير؛ لأنها الانقياد، وهو لا يتصور إلا بعد الأمر، بخلاف العبادة وغيرها. {ثُمَّ يَتَوَلَّى} ويعرض عن قبول حكمهما {فَرِيقٌ مِنْهُمْ}؛ أي: جماعة من القائلين {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} القول المذكور {وَمَا أُولَئِكَ} الذين يدعون الإيمان والإطاعة، ثم يتولى بعضهم الذين يشاركونهم في الاعتقاد والعمل {بِالْمُؤْمِنِينَ} حقيقة؛ أي: بالمؤمنين المخلصين الثابتين على الإيمان, بل هم ممن في قلوبهم مرض، وقد مرنوا على النفاق، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.

وخلاصة ذلك: لا يدخل في زمرة المؤمنين من يقول آمنا بالله وبالرسول وأطعنا، ثم يعرض عما تقتضيه الطاعة، ويتجاوز إلى غير المؤمنين.

٤٨ - ثم بين هذا التولي بقوله: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ}؛ أي: وإذا دعي هؤلاء المنافقون إلى كتاب الله وإلى رسوله {لِيَحْكُمَ} الرسول {بَيْنَهُمْ} فيما اختصموا فيه بحكم الله تعالى. فالضمير في يحكم راجع إلى الرسول؛ لأنه المباشر للحكم، وإن كان الحكم حكم الله حقيقة. وذكر الله لتفخيمه - صلى الله عليه وسلم - والإيذان بجلالة قدره عنده تعالى. {وإذ فريق} وجماعة {مِنْهُمْ}؛ أي: من المنافقين {مُعْرِضُونَ} عن قبول الحكم، ومستكبرون عن اتباع حكمه؛ لأنه لا يحكم إلا بالحق.

وقرأ أبو جعفر ليحكم في الموضعين مبينًا للمفعول.

والمعنى: فاجأ فريق منهم الإعراض عن المحاكمة إليه - صلى الله عليه وسلم - لكون الحق عليهم، وعلمهم بأنه عليه السلام يحكم بالحق عليهم، ولا يقبل الرشوة. وهذا شرح للتولي، ومبالغة فيه. وإذا الثانية للفجأة جواب إذا الأولى الشرطية. وهذا أحد الدلائل على أن الجواب لا يعمل في إذا الشرطية، خلافًا للأكثرين من النحاة؛ لأن إذا الفجائية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.