للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشهادة ما أنت قادر على الحكم علينا.

{إِنَّمَا تَقْضِي} وتحكم {هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}؛ أي: إنما سلطانك علينا، ونفوذ أمرك فينا في هذه الحياة الدنيا, ولا سبيل لك علينا فيما بعدها، فاسم الإشارة في محل النصب على الظرفية، أو على المفعولية، و {ما} كافة.

والمعنى (١): أي لأنك إنما تحكم علينا في الدنيا فقط، وليس لك علينا سلطان في الآخرة، وأنت تجري على حكمك في الآخرة، وما لنا من رغبة في حلاوة الدنيا, ولا رهبة من عذابها، وقرأ (٢) الجمهور: {تَقْضِي} مبنيًا للفاعل، خطابًا لفرعون، وقرأ أبو حيوة، وابن أبي عبلة، {تقضي} مبنيًا للمفعول {هذه الحياة} بالرفع اتسع في الظرف، فأُجري مجرى المفعول به، ثم بني الفعل لذلك، ورُفع به، كما تقول: صيم يوم الجمعة.

ولم يصرح في القرآن بأنه أنفذ فيهم وعيده، ولا أنه قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم على الجذوع، بل الظاهر أنه تعالى سلمهم منه، ويدل على ذلك قوله: {أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} وقيل: أنفذ فيهم وعيده، وصلبهم على الجذوع، ذكره أبو حيان في "البحر" ولكن (٣) الراجح: أنه نفَّذ ذلك، كما يرشد إلى ذلك قول ابن عباس وغيره من السلف: أصبحوا سحرة وأمسوا شهداءً بررةً

٧٣ - {إِنَّا آمَنَّا} وصدقنا {بـ} ربوبية {رَبِّنَا} وألوهية خالقنا {لِيَغْفِرَ لَنَا} ويستر عنا {خَطَايَانَا} وذنوبنا من الكفر والمعاصي، ولا يؤاخذنا بها في الدار الآخرة، لا ليمتعنا بتلك الحياة الفانية، حتى نتأثر بما وعدتنا به من القطع والصلب.

فائدة (٤): والمغفرة صيانة العبد عما استحقه من العقاب، للتجاوز عن ذنوبه، من الغفر، وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس، والخطايا: جمع الخطية، والفرق بينها وبين السيئة: أن السيئة قد تقال فيما يقصد بالذات، والخطية فيما يقصد بالعرض؛ لأنها من الخطأ، وقوله: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) المراغي.
(٤) روح البيان.