للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعبدون؛ أي: حين قال لأبيه آزر وقومه الكفار، منكرًا عليهم عبادة الأصنام والأوثان؛ أي: شيء تعبدون، إذ لا ينبغي لعاقل، أن يركن إلى مثل هذه المعبودات، التي لا تضر ولا تنفع.

٨٦ - ثم بيّن الإنكار وفسّره بقوله: {أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦)} الهمزة فيه للاستفهام الإنكاري. والإفك (١): أسوأ الكذب، وهو لا يثبت ويضطرب، ومنه: ائتفكت بهم الأرض. وانتصاب {إِفْكًا} على أنه مفعول لأجله، و {آلِهَةً} مفعول به لـ {تُرِيدُونَ}. فقدم المفعول على الفعل للعناية، ثم المفعول له على المفعول به؛ لأن الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك آلهتهم، وباطل شركهم؛ أي: أتريدون آلهة من دون الله، تعبدونها إفكًا وكذبًا، دون أن تركنوا في ذلك إلى دليل، من نص ولا تأييد من نقل، إن هذا منكم إلا خبال وخطل في الرأي، وقيل: انتصاب {إِفْكًا} على أنه مفعول به لـ {تُرِيدُونَ}، و {آلِهَةً} بدل منه جعلها نفس الإفك مبالغة. وهذه أولى من الوجه الأول. وقيل: انتصابه على الحال من فاعل {تُرِيدُونَ}؛ أي: أتريدون آلهة آفكين أو ذوي إفك.

٨٧ - {فَما} مبتدأ، خبره {ظَنُّكُمْ}؛ أي: فأي شيء ظنكم واعتقادكم {بِرَبِّ الْعالَمِينَ} إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؛ أي: أتظنون أن يغفل عنكم أو لا يؤاخذكم بما كسبت أيديكم؛ أي: لا ظن فكيف القطع. فالاستفهام للإنكار، وهو تحذير مثل: {ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}. أو المعنى (٢): أتظنون أنه من جنس هذه الأجسام، حتى جعلتموها مساوية له في المعبودية، أو أنه جوّز جعل هذه الجمادات مشاركة له في المعبودية،

٨٨ - {فَنَظَرَ نَظْرَةً} واحدة {فِي النُّجُومِ} جمع نجم، وهو الكوكب الطالع؛ أي: في علمها وحسابها، إذ لو نظر إلى النجوم أنفسها لقال: إلى النجوم، وكان القوم يتعاطون علم النجوم، فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه، واعتذر عن التخلف عن عيدهم؛ أي: عن الخروج إلى معبدهم

٨٩ - {فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) أي: سقيم القلب مما تفعلون أو سقيم فيما مضى أو سقيم في المستقبل سقمًا أموت به أو سقيم سقمًا خفيًا مما هو موجود في


(١) روح البيان.
(٢) المراح.