للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على رأس المال، وخذوا رؤوس أموالكم فقط {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ أي: مصدقين بقلوبكم في تحريم الربا، فإن دليله امتثال ما أُمرتم به.

قيل: نزلت في العباس بن عبد المطلب، ورجل من بني المغيرة. كانا شريكين في الجاهلية يسلفان الربا إلى ناسٍ من ثقيف، فجاء الإِسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله هذه الآية.

٢٧٩ - {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} أيها المؤمنون ما أمرتم به من التقوى، وترك بقايا الربا، وعدم الفعل، إما مع إنكار حرمة الربا .. فحربهم حينئذٍ حرب المرتدّين، وإما مع اعتقاد حرمتها .. فحربهم حرب البُغاة {فَأْذَنُوا}؛ أي: فاعلموا {بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} لكم {وَرَسُولِهِ}؛ أي: فاستعدوا للعذاب من الله في الآخرة بالنار، وللعذاب من رسوله في الدنيا بالسيف. قرأ الجمهور: {فَأْذَنُوا} بفتح الذال مع القصر؛ أي: فاعلموا أنتم، وأيقنوا بحربهما لكم. وهو من أذن الثلاثي. يقال أذن بالشيء: إذا علم به. وقرأ حمزة وأبو بكر شعبة عن عاصم {فآذِنوا} بالمد وكسر الذال، أمر من: آذن الرباعي على معنى: فاعلموا غيركم أنكم على حربهما وقيل المعنى: فاعلموا أيها المؤمنون من لم ينتهِ عن ذلك بحرب من الله ورسوله. وقرأ الحسن شذوذًا: {فأيقنوا بحرب} وتقوي قراءة الحسن هذه قراءةُ الجمهور بالقصر. وقد دل هذه الآية على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر، ولا خلاف في ذلك. وتنكير الحرب للتعظيم، وزادها تعظيمًا نسبتها إلى اسم الله الأعظم، وإلى رسوله الذي هو أشرف خليقته. {وَإِنْ تُبْتُمْ} من معاملة الربا، وتركتموها ورجعتم عنها {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}؛ أي: أصولها دون الزيادة {لَا تَظْلِمُونَ} الغريم بطلب الزيادة على رأس المال {وَلَا تُظْلَمُونَ}؛ أي: بنقصان رأس المال وبالمطل. فلما (١) نزل هذه الآية .. قال بنو عمرو الثقفي، ومن كان يعامِل بالربا من غيرهم: بل نتوب إلى الله، فإنه لا يُدان لنا؛ يعني: لا قوة لنا بحرب الله ورسوله، ورضوا برؤوس أموالهم، فشكا بنو المغيرة العسرة، ومن كان عليه


(١) الخازن.