للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} بكسر الميم في الموضعين، وطلحة، وعيسى، وأصحاب عبد الله، وعلي، والكسائي بضمها. وقرأ ناس بضم الأول وكسر الثاني، وناس بالعكس، وناس بالتخيير. وقرأ الجحدري بفتح الميم في الموضعين.

٥٧ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٧) أي: فبأيّ نوع من أنواع هذه النعم تنكران، فإن في مجرد هذا الترغيب في هذه النعم نعمة جليلة، ومنة عظيمة؛ فإن به يحصل الحرص على الأعمال الصالحة، والفرار من الأعمال الطالحة، فكيف بالوصول إلى هذه النعم، والتنعم بها في جنات النعيم بلا انقطاع ولا زوال.

٥٨ - {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)} والجملة صفة ثانية لقاصرات الطرف أو حال من {هن}. شبههن سبحانه في صفاء اللون مع حمرته بالياقوت والمرجان. قد سبق بيان المرجان، وأما الياقوت، فهو حجر صلب شديد اليبس رزين صاف منه: أحمر، وأبيض، وأصفر، وأخضر، وأزرق، وهو حجر لا تعمل فيه النار لقلة دهنيته، ولا يثقب لغلظة رطومته، ولا تعمل فيه المبارد لصلابته، بل يزداد حسنًا على مر الليالي والأيام، وهو عزيز، قليل الوجود، سيما الأحمر وبعده الأصفر أصبر على النار من سائر أصنافه. وأما الأخضر: فلا صبر له على النار.

ومعنى الآية (٢): مشبهات بالياقوت في حمرة الوجنة والمرجان؛ أي: صفار الدر في بياض البشرة، وصفائها؛ فإن صغار الدر أنصع بياضًا من كباره. وقال قتادة: في صفاء الياقوت، وبياض المرجان.

وأخرج أحمد، وابن حبان، والحاكم، وصححه، والبيهقي عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (٥٨)} قال: "تنظر إلى وجهها في خدرها أصفى من المرآة، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب. وإنه يكون عليها سبعون ثوبًا، وينفذها بصره، حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك".

٥٩ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٩)} فإنَّ نعمه كلها لا يمكن تكذيب شيء منها


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.