للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {لَيَقُولَنَّ} بفتح اللام، وقرأ الحسن {ليقولن} بضم اللام، أضمر فيه ضمير الجمع على معنى من، وقرأ ابن كثير وحفص {كأن لم تكن} بتاء التأنيث، والباقون بالياء، وقرأ الحسن ويزيد النحوي {فأفوزُ} برفع الزاي عطفًا على كنت، فتكون الكينونة معهم والفوز بالقسمة داخلين في التمني، أو على الاستئناف؛ أي: فأنا أفوز، وقرأ الجمهور بنصب الزاي وهو جواب التمني،

٧٤ - والفاء في قوله: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} رابطة (٢) الجواب بشرط مقدر، تقديره: إن لم يقاتل في سبيل الله هؤلاء المثبطون المنافقون .. فليقاتل في سبيل الله، فليجاهد لإعلاء كلمة الله تعالى المؤمنون المخلصون {الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ}؛ أي: الذين يبيعون الحياة الدنيا ولذاتها بالآخرة، ويبذلون أرواحهم لله تعالى، ويجعلون الآخرة وثوابها ثمنًا لها وعوضًا منها.

ثم رغب في القتال بعد الأمر به بذكر الثواب عليه فقال: {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ}؛ أي: في طاعته ويجاهد لإعلاء كلمة الله، لا للحمية والمفاخرة {فـ} يظفر به عدوه و {يقتل} شهيدًا {أَوْ} يظفر هو بعدوه، و {يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ}؛ أي: نعطيه في كلا الحالين {أَجْرًا عَظِيمًا}؛ أي: ثوابًا جسيمًا من عندنا في الآخرة، خالدًا مخلدًا في دار الجزاء والنعيم المقيم، وإذا كان الأجر حاصلًا له على كلا التقديرين .. لم يكن عمل أشرف من الجهاد، ونبه بقوله {فَيُقتَل} أو يغلب على أن المجاهد ينبغي له أن يثبت في المعركة، حتى يكرم نفسه بالشهادة، أو يعز الدين بالظفر والغلبة، وأن لا يكون قصده بالذات إلى القتل، بل إلى إعلاء الحق وإعزاز الدين.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تضمن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلًا ما نال من أجر أو غنيمة". متفق عليه وهذا لفظ مسلم.


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.