للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخيبة رجائهم، وانعكاس تدبيرهم. فقال: {لا يَسْتَطِيعُونَ} إلخ؛ أي: لا تقدر هذه الآلهة على نصر عابديها. فهي أضعف من ذلك، وأحقر، ولا تقدر على الاستنصار لأنفسها، ولا الانتقام ممن أرادها بسوء؛ لأنها جماد لا تسمع، ولا تعقل. {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ}؛ أي: والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا، وهم لا يسوقون إليهم خيرًا ولا يدفعون عنهم ضرًا.

والخلاصة: أنّ العابدين وهم المشركون، كالجند لحمايتهم والذب عنهم في الدنيا، والمعبودون يوم القيامة، لا يستطيعون أن يقدموا لهم معونة، ولا يدفعون عنهم مضرة.

٧٦ - ثم سلّى رسوله على ما يلقاه من قومه من الأذى، بنحو قولهم: هو شاعر، وهو كاهن، وهو ساحر إلى نحو ذلك، من مقالاتهم التي كانوا يجابهون بها الرسول إرادة تحقيره وإهانته. فقال: {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} والفاء: فيه فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا سمعت قولهم في الله: أن له شريكًا وولدًا، وفيك: إنك كاذب شاعر، وتألمت من إيذائهم وجفائهم وأردت بيان ما هو الأصلح لك، والأكثر أجرًا .. فأقول لك: لا يحزنك قولهم؛ أي: لا يهمنك قولهم في الله بالإلحاد والشرك، وفيك بالتكذيب والتهجين، وتسل بإحاطة علمي بجميع أحوالهم. فـ {إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ}؛ أي: جميع ما يضمرون في صدورهم من العقائد الفاسدة، ومن العداوة لك، والبغضاء {وَما يُعْلِنُونَ}؛ أي: وجميع ما يظهرون بألسنتهم من كلمات الشرك، والكفر بالله، والإنكار للرسالة. فنجازيهم على جميع جناياتهم الخافية والبادية.

قال ابن الشيخ (١): والفاء في قوله: {فَلا يَحْزُنْكَ} جزائية؛ أي: إذا سمعت قولهم في الله: أن له شريكًا وولدًا، وفيك: أنك كاذب شاعر، وتألمت من إيذائهم وجفائهم، فتسل بإحاطة علمي بجميع أحوالهم، وبأني أجازيهم على تكذيبهم إياك وإشراكهم بي. وقرأ الجمهور: {فَلا يَحْزُنْكَ} بفتح الياء وضم


(١) روح البيان.