للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أخرجه (١) ابن أبي حاتم وغيره عن أبي هريرة قال: نزلت: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} في رفع الأصوات في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلّم. وأخرج عنه أيضا قال: كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ....} الآية، وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود مثله، وأخرج عن الزهري قال: نزلت الآية في فتى من الأنصار كان كلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم شيئا قرأه. وقال سعيد بن منصور في «سننه»: حدثنا أبو معتمر عن محمد بن كعب قال: كانوا يتلقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قرأ شيئا قرؤوا معه، حتى نزلت هذه الآية التي في الأعراف: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}.

قلت: ظاهر ذلك أنّ الآية مدنيّة.

التفسير وأوجه القراءة

١٨٩ - {هُوَ} سبحانه وتعالى الإله {الَّذِي خَلَقَكُمْ} وأوجدكم وأنشأكم يا أهل مكة {مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ}؛ أي: من آدم عليه السلام على طريق التوالد والتناسل، وهذا كلام (٢) مستأنف يتضمن ذكر نعم الله تعالى على عباده، وعدم مكافأتهم لها بما يجب من الشكر عليها، والاعتراف بالعبودية، وأنّه المنفرد بالألوهية قال جمهور المفسرين: المراد بالنفس الواحدة آدم وقوله: {وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها} معطوف على {خَلَقَكُمْ}؛ أي: وهو سبحانه وتعالى الذي خلقكم من نفس آدم على سبيل التوالد والتناسل، وجعل من هذه النفس الواحدة زوجها وقرينتها، على سبيل النزع والفصل، وهي حواء، خلقها من ضلع من أضلاع آدم من غير ألم، وقيل المعنى: {جَعَلَ مِنْها}؛ أي: من جنسها {زَوْجَها}، كما في قوله: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجًا} والأول أولى، وقوله: {لِيَسْكُنَ إِلَيْها} علة للجعل المذكور؛ أي: جعله منها ليسكن آدم ويميل إليها، ويستأنس بها، ويطمئن إليها اطمئنان الشيء إلى جزئه، أو جنسه؛ لأنّ الجنس إلى الجنس أميل، خصوصا إذا كان بعضا منه كما سكن الإنسان إلى ولده، ويحبه محبة نفسه لكونه بضعة منه، وإنّما ذكر ضمير النفس في قوله: {لِيَسْكُنَ} بعد ما أنث في قوله: {واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها} نظرا إلى


(١) لباب النقول.
(٢) الشوكاني.