للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم تأتهم بما طلبوا .. قالوا: هلا افتعلتها وأتيت بها من عند نفسك؛ لأنّهم كانوا يقولون: {ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً}.

قوله تعالى: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) ذكر مزايا القرآن الكريم، وأنّه آيات بينات للمؤمنين، وهدى ورحمة لهم .. أردف ذلك بذكر الدلائل على الطريق الموصلة لنيل الرحمة به، والفوز بالمنافع الجليلة التي ينطوي عليها، وهي الإنصات له إذا قرىء.

وقال أبو حيان (٢): مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر أن القرآن بصائر وهدى ورحمة .. أمر باستماعه إذا شرع في قراءته، وبالانصات وهو السكوت مع الإصغاء إليه؛ لأنّ ما اشتمل على هذه الأوصاف من البصائر والهدى والرحمة، حري بأن يصغى إليه حتى يحصل منه للمنصت هذه النتائج العظيمة، وينتفع بها، فيستبصر من العمى، ويهتدي من الضلال، ويرحم بها.

أسباب النزول

قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ...} أخرج (٣) البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: ما نزلت: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} إلا في أخلاق الناس.

وأخرج (٤) ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وغيرهم عن الشعبي قال: لما أنزل الله {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩)} قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما هذا يا جبريل؟ قال لا أدري حتى أسال العالم، فذهب ثم رجع، فقال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك» وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: لما نزل {خُذِ الْعَفْوَ ....} الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «كيف بالغضب يا رب»؟ فنزل: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ}.

قوله تعالى: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ...} الآية، سبب نزولها: ما


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الخازن.
(٤) الشوكاني.