الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أحالهم على الاستنجاد بآلهتهم في ضره، وأراهم أنّ الله هو القادر على كل شيء .. عقب ذلك بالاستناد إلى الله تعالى، والتوكل عليه، والإعلام أنّه تعالى هو ناصره عليهم، وبين جهة نصره بأن أوحى إليه كتابه، وأعزه برسالته، ثم إنّه تعالى يتولى الصالحين من عباده، وينصرهم على أعدائه ولا يخذلهم.
قوله تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أنّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر أنّه هو الذي يتولى أمر رسوله وينصره: وأن الأصنام وعابديها لا يقدرون على إيذائه، وإيصال الضر إليه .. بين في هذه الآية النهج القويم، والصراط المستقيم في معاملة الناس، وهذه الآية تشمل أصول الفضائل، فهي من أسس التشريع التي تلي - في المرتبة - أصول العقيدة المبنية على التوحيد الذي تقرر فيما سلف، بأبلغ وجه وأتم برهان.
قوله تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر في الآيات أمثل الطرق في معاملة الناس بعضهم بعضا، مما لو عملوا بهديه لم يجد الفساد إلى نفوسهم سبيلا .. أردف ذلك بالوصية التي تتضمنها هذه الآيات الثلاث، وهي اتقاء إفساد الشياطين؛ أي: شياطين الجن المستترة، فالآية السالفة أمرت بالإعراض عن الجاهلين - وهم السفهاء - اتقاء لشرهم، وهذه الآيات أمرت بالاستعاذة بالله من الشياطين اتقاء لشرهم.
قوله تعالى:{وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنّه سبحانه وتعالى لما ذكر في الآية السالفة أن شياطين الجن والإنس لا يقصرون في الإغواء والإضلال .. أردف ذلك بذكر نوع خاص من هذا الإغواء، وهو طلبهم آيات معينة ومعجزات مخصوصة، تعنتا كما قال تعالى حكاية عنهم: {وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠)}؛ أي: إذا