للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما أن الإنشاء كان ممكنا، وإذا كان إبرازه من العدم الصرف إلى الوجود واقعا بالفعل، فإعادته أحرى أن تكون واقعة بالفعل. وقيل: وجه المناسبة أنّه لما بين الذين يلحدون في أسمائه ويشتقون منها أسماء لآلهتهم وأصنامهم، وأمر بالنظر والاستدلال المؤدي إلى تفرده بالإلهية والربوبية .. بين هنا أنّ أصل الشرك من إبليس لآدم وزوجته حين تمنيا الولد الصالح، وأجاب الله دعاءهما، فأدخل عليهما إبليس الشرك، بقوله: سمياه عبد الحرث؛ فإنّه لا يموت، ففعلا ذلك.

وقيل المناسبة: لما افتتح (١) الله سبحانه وتعالى هذه السورة بالدعوة إلى التوحيد، واتباع ما أنزل على لسان رسوله، وتلاه بالتذكير بنشأة الإنسان الأولى في الخلق والتكوين والعداوة بينه وبين الشيطان .. اختتم السورة بهذه المعاني، فذكر بالنشأة الأولى، ونهى عن الشرك، واتباع وسوسة الشيطان، وأمر بالتوحيد، واتباع ما جاء به القرآن.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (٢): أنّها من تتمة ما قبلها مؤكدة له، ومقررة لما تتضمنه، وهو إثبات التوحيد ونفي الشرك، وهو رأس الإسلام وركنه المتين، فلا غرو أن يتكرر الكلام فيه في القرآن نفيا وإثباتا ليتأكد في النفوس، ويثبت في القلوب، وبه تخلع جذور الوثنية، ويحل محلها نور الوحدانية.

قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٣): لما أنكر تعالى عليهم عبادة الأصنام، وحقر شأنها، وأظهر كونها جمادا عارية عن شيء من القدرة .. أمر تعالى نبيه أن يقول لهم ذلك؛ أي: لا مبالاة بكم ولا بشركائكم، فاصنعوا ما تشاؤون، وهو أمر تعجيز؛ أي: لا يمكن أن يقع منكم دعاء لأصنامكم، ولا كيد لي، وكانوا قد خوفوه آلهتهم.

قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ ...} الآية، مناسبة (٤) هذه


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.
(٤) البحر المحيط.