للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يشاء، العليم بمصالحهم، فالحكمة المقترنة بالعلم تخللت كل رطب ويابس، وجليل وحقير، فمن يشاهد إتقان العالم وحسن تنسيقه وإبداعه، يجد الحكمة فيه على أتم وجوهها، ويعجب مما فيه من جمال وكمال، ويدهش لما يجد فيه من غرائب يحار فيها اللب، فأفردوا له العبادة، ولا تشركوا به شيئًا سواه

٨٥ - {وَتَبَارَكَ}؛ أي: تعالى وتقدس عن الولد والشريك، وجل عن الزوال والانتقال، الإله {الَّذِي} فاعل تبارك {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: سلطنتهما {و} سلطنة {مَا بَيْنَهُمَا} إما على الدوام كالهواء، أو في بعض الأوقات كالطير والسحاب؛ أي: تزايد خيره، وعمت بركته، وتبارك: تفاعل من البركة، وهي كثرة الخير معنى {و} تبارك الذي {عِنْدَهُ عِلْمُ} وقت قيام {السَّاعَةِ}؛ أي: القيامة لا يعلمها إلا هو {وَإِلَيْهِ} لا إلى غيره {تُرْجَعُونَ} بالموت ثم البعث، فيجازي كل أحد بما يستحقه من خير أو شر، والالتفات فيه للتهديد، وقرأ الجمهور (١): {تُرْجَعُونَ} بتاء الخطاب مبنيا للمفعول، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بياء الغيبة كذلك، وقرىء بفتح تاء الخطاب مبنيًا للفاعل.

والمعنى: أي وتقدس خالق السموات والأرض وما فيهما من عوالم لا ندري كنهها، ولا نعلم حقيقتها، المتصرف فيهما بلا مدافعة ولا ممانعة من أحد، وعنده علم وقت مجيء الساعة، لا يجليها لوقتها إلا هو، وإليه المرجع، فيجازي كل أحد بما يستحق إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشرٌ.

٨٦ - {وَلَا يَمْلِكُ}؛ أي: لا يقدر {الَّذِينَ يَدْعُونَ}؛ أي: يدعو الكفار ويعبدونهم {مِنْ دُونِهِ} تعالى {الشَّفَاعَةَ} عند الله تعالى، كما يزعمون {إِلَّا مَنْ شَهِدَ} وأقر، واعتقد {بِالْحَقِّ} الذي هو التوحيد. والاستثناء (٢) إما متصل والموصول عام، لكل ما يعبد من دون الله تعالى، كعيسى وعزير والملائكة وغيرهم، أو منقطع على أنه خاص بالأصنام، وجملة قوله: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} بما يشهدون به عن بصيرة وإيقان وإخلاص، حال من فاعل {شَهِدَ}، والجمع باعتبار معنى {من}، كما أن الإفراد أولًا باعتبار لفظها، والمعنى (٣) على الاتصال: إلا


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.