للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيهما، والعائد إلى الموصول مبتدأ محذوف لطول الصلة بمتعلق الخبر، وهو {فِي السَّمَاوَاتِ} والعطف عليه، والتقدير: وهو الذي هو في السماء إله، وهو في الأرض إله، قاله أبو علي الفارسي قال: والمعنى على الإخبار بإلاهيته فيهما، لا على الكون والحلول فيهما، وقيل: {فِي} بمعنى على؛ أي: هو القادر على السماء والأرض، كما في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْل}.

وقرأ الجمهور (١): {إِلَهٌ} في الموضعين، وقرأ عمر وعبد الله وأبي وعلي والحكم بن أبي العالي وبلال بن أبي بردة وابن يعمر وجابر وابن زيد وعمر بن عبد العزيز وأبو الشيخ الهنائي وحميد وابن مقسم وابن السميقع {الله} فيهما كما مر آنفًا بيانه.

{وَهُوَ} سبحانه وتعالى {الْحَكِيمُ} فيما دبره لخلقه {الْعَلِيمُ} بمصالحهم، فهو كالدليل على ما قبله والتعليل له؛ لأنه المتصف بكمال الحكمة والعلم، المستحق للألوهية لا غيره؛ أي: وهو الحكيم في تدبير العالم وأهله، العلم بجميع الأحوال من الأزل إلى الأبد.

فإن قلت: ما في هذه (٢) الآية يقتضي تعدد الآلهة؛ لأن النكرة إذا أعيدت نكرة تعددت، كقولك: أنت طالق وطالق.

قلت: لا إله هنا بمعنى المعبود، وهو تعالى معبود فيهما، والمغايرة إنما هي بين معبوديته في السماء ومعبوديته في الأرض؛ لأن المعبودية من الأمور الإضافية، فيكفي التغاير فيها من أحد الطرفين، فإذا كان العابد في السماء غير العابد في الأرض صدق أن معبوديته في السماء غير معبوديته في الأرض مع أن المعبود واحد.

وحاصل معنى الآية (٣): أي: وهو الله الذي يعبده أهل السماء وأهل الأرض، ولا تصلح العبادة إلا له، وهو الحكيم في تدبير خلقه، وتسخيرهم لما


(١) البحر المحيط.
(٢) فتح الرحمن.
(٣) المراغي.