للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على أنه اسم {إِنَّ} والخبر {يَوْمَ الْفَصْلِ} ذكره في "البحر". والميقات اسم للوقت المضروب للفصل، فيوم القيامة وقت لما وعدوا به، من الاجتماع للحساب والجزاء.

٤١ - وقوله: {لَا يُغْنِي} بدل من {يَوْمَ الْفَصْلِ}، أو منتصب بفعل مضمر يدل عليه الفصل؛ أي: يفصل بينهم يوم لا يغني، ولا يجزي {مَوْلًى}؛ أي: ولي، وناصر من قرابة، أو عتاق، أو صداقة {عَنْ مَوْلًى} له؛ أي: عن قريب له أيّا كان {شَيْئًا} من الإغناء، والإجزاء على أن شيئًا واقع موقع المصدر، وتنكيره للتقليل، ويجوز أن يكون منصوبًا على المفعول به على أن يكون {لَا يُغْنِي}: بمعنى لا يدفع بعضهم عن بعض شيئًا من عذاب الله، ولا يبعده، فإن الإغناء يأتي بمعنى الدفع، وإبعاد المكروه. وتنكير (١) {مَوْلًى} في الموضعين للإبهام، فان المولى مشترك بين معان كثيرة يطلق على المالك والعبد والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه، والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك، وابن الأخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر، كما في "القاموس" وكل من ولي أمر واحد، فهو وليه ومولاه، فواحد من هؤلاء أي واحد كان، لا يغني عن مولاه أيَّ مولى كان شيئًا من الإغناء؛ أي: إغناءً قليلًا، وإذا لم ينفع بعض الموالي بعضًا ولم يغن عنه شيئًا من العذاب بشفاعته، كان عدم حصول ذلك ممن سواهم أولى، وهذا في حق الكفار، يقال: أغنى عنه كذا إذا كفاه.

{وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}؛ أي: لا يمنعون مما نزل بهم من العذاب، ولا يملكون أن يشفع لهم غيرهم، فالضمير لمولى الثاني باعتبار المعنى؛ لأنه عام لوقوعه نكرةً في سياق النفي، فكأنه جمع، والمراد بالضمير: المولى الثاني؛ لأن المراد به (٢) الكافر، وأما الأول فالمراد به: المؤمن.

والمعنى: يوم لا يغني مولى مؤمن عن مولى كافر شيئًا من عذاب الله،


(١) روح البيان.
(٢) الفتوحات.