المفاوز في الليل، وإلا زئير الأسد؛ أي: صوته من الصدر، نعوذ بالله من سطواته، ومن الإصرار على ما يوجب نقماته، كذا في "التكملة" نقلًا عن "تفسير المقري". وقيل: الرّسّ: بئر قرب اليمامة، أو بئر بأذربيجان، أو وادٍ، كما قال الشاعر:
فَهُنَّ لِوَادِيْ الرَّسْسِ كَالْيَدِ لِلْفَمِ
وقد سبق بعض الكلام عليه في سورة الفرقان، فأرجع إليه.
{و} كذّبت قبلهم {ثَمُودُ}؛ أي: قوم ثمود صالحًا، وجميع الرسل، وهو ثمود بن عاد، وهو عاد الآخرة.
١٣ - {و} كذبت قبلهم {عَادٌ}؛ أي: قوم عاد هودًا، وجميع الرسل، وهو عاد إرم، وهو عاد الأولى. {و} كذب قبلهم {فِرْعَوْنُ} موسى وهارون وجميع الرسل.
والمراد: هو وقومه القبط ليلائم ما قبله وما بعده من الجماعة. {و} كذب قبلهم {إِخْوَانُ لُوطٍ}؛ أي: أصهاره؛ لأنه صاهرهم، وتزوج منهم لوط وجميع الرسل، جمع صهر، والصهر: زوج بنت الرجل، وزوج أخته، وقيل: إخوانه قومه؛ لاشتراكهم في النسب لا في الدين، قال عطاء: ما من أحد من الأنبياء إلا ويقوم معه يوم القيامة قومه، إلا لوطًا عليه السلام، يقوم وحده.
١٤ - {و} كذّب قبلهم {أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} شعيبًا وجميع الرسل، وهم من بعث إليهم شعيب عليه السلام غير أهل مدين، وكانوا يسكنون أيكة؛ أي: غيضة تنبت السدر الأراك، وقد مر ما فيه في سورة الحجر. {و} كذّب قبلهم {قَوْمُ تُبَّعٍ} تبعًا وجميع الرسل، وهذا على تقدير رسالة تبع ظاهر، وأما على تقدير عدمها وهو الأظهر، فمعنى تكذيب قومه الرسل: تكذيبهم لمن قبلهم من الرسل المجمعين على التوحيد والبعث، وإلى ذلك كان يدعوهم تبّع، وهو أبو كرب أسعد الحميري ملك اليمن، سُمِّي تبعًا لكثرة أتباعه.
{كُلٌّ}؛ أي: كل قوم من هؤلاء الأقوام المذكورين {كَذَّبَ الرُّسُلَ}؛ أي: كذّبوا رسلهم، وكذّب جميعهم جميع الرسل بالمعنى المذكور أولًا، كما أشرنا إليه في الحلّ، وإفراد الضمير في {كَذَّبَ} باعتبار لفظ الكل، أو كل واحد منهم