للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فِي أَمْرٍ}: حال من الضمير المجرور في {عَلَيْهِمُ}؛ أي: حال كون أولئك القائلين في عداد أمم {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} بيان للأمم، وجملة قوله: {إِنَّهُمْ} جميعًا؛ أي: هم والأمم {كَانُوا خَاسِرِينَ}؛ لأنهم قد ضيَّعوا فطرتهم الأصلية الجارية مجرى رؤوس أموالهم باتباع الشيطان؛ تعليل للحكم بطريق الاستئناف التحقيقي.

والمعنى (١): أي هؤلاء الذين هذه أوصافهم، هم الذين وجب عليهم عذاب الله، وحلت عليهم عقوبته وسخطه فيمن حل به العذاب من الأمم الذين قد مضوا من قبلهم من الجن والإنس ممن كذّبوا الرسل، وعتوا عن أمر ربهم.

وفي الآية (٢): إيماء إلى أنَّ الجن يموتون قرنًا بعد قرن كالإنس، قال أبو حيان في "البحر": قال الحسن البصري في بعض مجالسه: الجن لا يموتون، فاعترضه قتادة بالآية فسكت، وفيها رد أيضًا على من قال: إنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر؛ لأنه رضي الله عنه أسلم وَجُبَّ عنه ما قبل الإِسلام، وكان من أفاضل الصحابة، أما من حق عليه القول ... فهو من علم الله تعالى أنه لا يسلم أبدًا.

ثم ذكر العلة في هذا العذاب المهين، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} لأنهم ضيَّعوا فطرهم التي فطرهم الله عليها، واتبعوا الشيطان، فغبنوا ببيعهم الهدى بالضلال، والنعيم بالعذاب.

١٩ - ثم ذكر أنّ لكل من الفريقين الذين قالوا: ربنا الله، والذي قال لوالديه أُفٍّ مراتب متفاوتة، فقال: {وَلِكُلٍّ} من الفريقين المذكورين {دَرَجَاتٌ} ومراتب متفاوتة {مِمَّا عَمِلُوا}؛ أي (٣): من أجزية ما عملوا من الخير والشر، فـ {من} نعت لـ {دَرَجَاتٌ} ويجوز أن تكون بيانية. و {ما} موصولة، أو من أجل ما عملوا، فـ {ما} مصدرية، و {من}: متعلق بقوله: {لكل} أي: ولكل من الفريقين من


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.