رفع، لقيامها مقام الفاعل؛ أي: ما يوحى إلي إلا الإنذار، أو إلا كوني نذيرًا مبينًا، أو في محل نصب، أو جر بعد إسقاط لام العلة، والقائم مقام الفاعل على هذا الجار والمجرور، وقرأ أبو جعفر بكسر الهمزة، لأن في الوحي معنى القول، وهي القائمة مقام الفاعل، على سبيل الحكاية، كأنه قيل: ما يوحى إلي إلا هذه الجملة المتضمنة لهذا الإخبار، وهو أن أقول لكم: إنما أنا نذير مبين.
٧١ - ولما ذكر سبحانه، خصومة الملائكة، إجمالًا فيما تقدم ذكرها هنا، تفصيلًا فقال:{إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ}{إِذْ}: هي بدل من {إِذْ يَخْتَصِمُونَ} لاشتمال ما في حيز هذه على الخصومة، وقيل: هي منصوبة بإضمار {اذكر}، والأول أولى، إذا كانت خصومة الملائكة في شأن من يُستخلف في الأرض. وأما إذا كانت في غير ذلك مما تقدم ذكره، فالثاني أولى.
فإن قلت (١): كيف يجوز أن يقال: إن الملائكة اختصموا بهذا القول، والمخاصمة مع الله تعالى كفر؟.
قلت: لا شك أنه جرى هناك سؤال وجواب، وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة، والمشابهة تجوز إطلاق اسم المشبه به على المشبه، فحسن إطلاق المخاصمة على المقاولة الواقعة هناك.
فإن قلت: إن الاختصام المذكور سابقًا، مسند إلى الملأ الأعلى، وواقع فيما بينهم، وما وقع في جملة البدل هو التقاول الواقع بين الله تعالى، وبينهم، لأنه تعالى، هو الذي قال لهم وقالوا له، فكيف تجعل هذه الجملة بدلا من قوله:{إِذْ يَخْتَصِمُونَ} مبينًا ومشتملًا له؟.
قلت: حيث كان تكليمه تعالى إياهم بواسطة الملك، صح إسناد الاختصام إلى الله تعالى، لكونه سببًا آمرًا. وقد سبق المراد بالملائكة في سورة الحجر، فارجع.