للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لهم معرفة بك من قبل، فكيف وهم عارفون بأنك كنت قبل الرسالة أصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، وأغزرهم عقلًا، وأبعدهم عن كل ذي دنس.

١٩١ - {وَإِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {لَهُوَ الْعَزِيزُ} الغالب القادر على كل شيء. ومن عزته نصر أنبيائه على أعدائه. {الرَّحِيمُ} بالإمهال، فلا يعاجل العقوبة لمن استحقها.

وهذا آخر (١) القصص السبع التي ذكرها الله سبحانه تسلية لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتهديدًا للمكذبين له. وكل قصة من هذه القصص ذكر مستقل متجدد النزول، قد أتاهم من الله تعالى وما كان أكثرهم مؤمنين بعدما سمعوها على التفصيل قصة بعد قصة، بأن لا يعتبروا بما في كل واحدة منها من الدواعي إلى الإيمان, والزواجر عن الكفر والطغيان، وبأن لا يتأملوا في شأن الآيات الكريمة الناطقة بتلك القصص على ما هي عليه، مع علمهم بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسمع شيئًا منها من أحد أصلًا، وصاروا كأنهم لم يسمعوا شيئًا يزجرهم عن الكفر والضلال واستمروا على ذلك.

تتمة: وقد كرر (٢) سبحانه في هذه السورة في أول كل قصة وآخرها ما كرر تقريرًا لمعانيها في الصدور؛ ليكون أبلغ في الوعظ والزجر، ولأن كل قصة منها كتنزيل برأسه. وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها، فكانت جديرة بأن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها، وأن تختتم بما اختتمت به.

تنبيه: جاءت (٣) هذه القصص السبع مختصرة هنا، وفيها البرهان الساطع على أن القرآن جاء من عالم الغيب، فإن النتائج التي حصل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن حين نزولها ذا شوكة ولا ذا قوة، وأن ما أصيب به من التكذيب والأذى وكانت عاقبته الفتح والنصر المبين نموذج لما حدث للأنبياء السالفين قبله.


(١) المراح.
(٢) النسفي.
(٣) المراغي.