للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصحاب السفينة، وجعلناهم عبرة للناس، كما قال: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (١٢) أي: أبقينا لكم السفينة؛ لتذكروا نعمة الله عليكم بإنجائكم من الغرق، وجعلكم من ذرية من آمن به وصدق بأمره.

وفي قوله: {كَذَّبُوا الرُّسُلَ} وهم لم يكذّبوا إلا رسولًا واحدًا؛ وهو نوح إيماء إلى أن من كذب رسولًا واحدًا .. فقد كذب جميع الرسل؛ إذ لا فرق بين رسول وآخر؛ إذ جميعهم يدعون إلى توحيد الله ونبذ الأصنام والأوثان، قاله الزجاج.

ثم ذكر مآل المكذبين، فقال: {وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا}؛ أي: وأعددنا لكل من كفر بالله، ولم يؤمن برسله عذابًا أليمًا في الآخرة. وفي ذلك رمز إلى أن قريشًا سيحل بهم من العذاب في الدنيا والآخرة مثل ما حل بأولئك المكذبين إذا لم يرعووا عن غيهم.

قصص عاد وثمود وأصحاب الرس وغيرهم

٣٨ - وانتصاب {وَعَادًا} بالعطف على {قومَ}. وقيل: على محل {لِلظَّالِمِينَ}. وقيل: على المفعول الأول لـ {جعلنا}؛ أي: وأهلكنا عادًا قوم هود {وَثَمُودَ} قوم صالح. قرأ حمزة وحفص وعبد الله وعمرو بن ميمون والحسن وعيسى {وَثَمُودَ} غير مصروف على تأويل القبيلة، وقرأ غيرهم {وثمودًا} بالصرف على تأويل الحي {و} أهلكنا {أَصْحَابَ الرَّسِّ} الرس في كلام العرب: البئر التي تكون غير مطوية. وأصحاب الرس هم قوم يعبدون الأصنام، فبعث الله إليهم شعيبًا عليه السلام فكذبوه، فبينما هم حول الرس؛ أي: بئرهم الغير المبنية التي يشربون منها ويسقون مواشيهم انهارت، فخسف بهم وبديارهم. قاله الكلبي ووهب. وقيل: الرس: قرية بفلج اليمامة، كان فيها بقايا ثمود، فبعث إليهم نبي، فقتلوه، فأهلكوا. وقيل: هم أصحاب حنظلة بن صفوان عليه السلام، ابتلاهم بطير عظيم، فيها من كل لون تسمى بالعنقاء لطول عنقها فتخطف صبيانهم وعُرَسَهُمْ - أي طعامهم -، فدعا عليها حنظلة، فأصابتها الصاعقة، فكفوا شرها،