للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم إنهم قتلوا حنظلة عليه السلام، فأهلكوا. وقيل: إن الرس بئر في أنطاكية الشام، كذبوا حبيبًا النجار؛ وهو صاحب يَس الذي قال: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}، وقتلوه، فدسوه في تلك البئر، فأهلكوا.

وروى عكرمة ومحمد بن كعب القرظي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن أهل الرس أخذوا نبيهم، فرسوه في بئر، وأطبقوا عليه صخرة، فكان عبد أسود قد آمن به يجيء بطعام إلى تلك البئر، فيعينه الله تعالى على تلك الصخرة فيقلعها، فيعطيه ما يغذيه به، ثم يرد الصخرة، إلى أن ضرب الله يومًا على أذن ذلك الأسود بالنوم أربع عشرة سنة، وأخرج أهل القرية نبيهم، فآمنوا؛ به في حديث طويل. قال الطبري: فيمكن (١) أنهم كفروا بعد ذلك، فذكرهم في هذه الآية، وكثر الاختلاف في أصحاب الرس، فلو صح ما نقله عكرمة ومحمد بن كعب كان هو القول الذي لا يمكن خلافه.

وملخص هذه الأقوال: أنهم قوم أهلكهم الله تعالى بتكذيب من أرسل إليهم، والله سبحانه أعلم بمن هم.

{وَقُرُونًا}؛ أي: وأهلكنا أيضًا أهل قرون وأزمنة. جمع قرن؛ وهم القوم المقترنون في زمن واحد. قيل: القرن: مئة سنة. وقيل: مئة وعشرون سنة. وقيل: القرن أربعون سنة. وفي "القاموس": الأصح أنه مئة سنة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لرجل: "عش قرنًا، فعاش مئة سنة" {بَيْنَ ذَلِكَ} المذكور من الطوائف والأمم من قوم نوح وما بعده {كَثِيرًا} صفة لـ {قرونا}. والإفراد باعتبار الجمع، أو العدد كقوله: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا}، أو لأن فعيلًا يستوي فيه المفرد والجمع؛ أي: وأهلكنا أقوامًا كثيرًا بين هؤلاء الأمم المذكورة لا يعلمهم إلا الله سبحانه وتعالى.

والمعنى: أي (٢) ودمرنا عادًا قوم هود عليه السلام بالريح الصرصر العاتية، وثمود قوم صالح بالصيحة، وأهلكنا أصحاب الرس الذين كانوا باليمامة أو


(١) الطبري.
(٢) المراغي.