للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال: {قُلْ} لهم يا محمَّد {لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}؛ أي: إنني لست عليكم بحفيظ ولا رقيب، وإنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به إليكم، أبشركم وأنذركم، ولم أعط القدرة على التصرف في عباده حتى أجبركم على الإيمان جبرًا، وأكرهكم عليه إكراهًا: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)} {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (٤٥)}. وقيل (١): المعنى: قل يا محمَّد لهؤلاء المكذبين: لست عليكم بحافظ حتى أجازيكم على تكذيبكم وإعراضكم عن قبول الحق، بل إنما أنا منذر، والله هو المجازي لكم على أعمالكم، وقيل: معناه: إني إنما أدعوكم إلى الله وإلى الإيمان به، ولم أومر بحربكم؛ فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة بآية السيف.

٦٧ - ثم هددهم وتوعدهم على التكذيب به فقال: {لِكُلِّ نَبَإٍ}؛ أي: لكل شيء {مُسْتَقَرٌّ}؛ أي: وقت يقع فيه، والنبأ الشيء الذي ينبأ عنه ويخبر به. وقيل: المعنى: لكل عمل جزاء. وقيل (٢): المعنى: لكل خبر يخبره الله مستقر؛ أي: وقت ومكان يقع فيه من غير خلف ولا تأخير، وكان ما وعدهم به من العذاب في الدنيا وقع يوم بدر {وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} صحة هذا الخبر عند وقوعه؛ إما في الدنيا، وإما في الآخرة، والمعنى: لكل شيء ينبأ عنه ويخبر به مستقر؛ أي: وقت تستقر وتظهر فيه حقيقته، ويتميز حقه من باطله، فلا يبقى مجال للاختلاف فيه، وسوف تعلمون مستقر ما أنبأكم به كتابي من وعد ووعيد، ومن ذلك: ما وعد به الرسول من نصره عليهم، وما أوعد به أعدائه من الخزي والعذاب في الدنيا والآخرة. {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٢) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)}.

٦٨ - {وَإِذَا رَأَيْتَ} هو يا محمَّد أو أيها المخاطب هؤلاء المشركين {الَّذِينَ يَخُوضُونَ} ويشرعون وينهمكون {فِي آيَاتِنَا} القرآنية بالكفر والتكذيب والاستهزاء {فَأَعْرِضْ


(١) الخازن.
(٢) الواحدي.