للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآفات، أو يحيي المؤمنون بعضهم بعضًا بالسلام، واللام تحية المؤمنين في الدنيا أيضًا، وأصله صدر من أبينا آدم عليه السلام لما روى وهب بن منبه أن آدم لما رأى ضياء نور نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - سأل الله عنه، فقال: هو نور النبي العربي محمد من أولادك، فالأنبياء كلهم تحت لوائه، فاشتاق آدم إلى رؤيته، فظهر نور النبي عليه السلام في أنملة مسبِّحة آدم، فسلم عليه، فرد الله سلامه من قبل النبي عليه السلام، فمن هنا بقي السلام سنة لصدوره عن آدم، وبقي رده فريضة، لكونه عن الله تعالى.

٢٤ - ولما شرح الله سبحانه وتعالى أحوال الأشقياء وأحوال السعداء (١) .. ضرب مثلًا فيه حكم هذين القسمين، فقال جلّ وعلا: {أَلَمْ تَرَ} يا محمد وتنظر بعين قلبك، فتعلم (٢) علم يقين بإعلامي إياك، فعلى هذا يحتمل أن يكون الخطاب فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدخل معه غيره، ويحتمل أن يكون الخطاب لكل فرد من الناس، فيكون المعنى: ألم تر أيها الإنسان {كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً}؛ أي: كيف جعل الله تعالى كلمة طيبة - وهي لا إله إلا الله - مثلًا.

وقيل (٣): هي كل كلمة حسنة كالتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة إلى الله قاله الزمخشري. وضرب هنا بمعنى جعل وصير، فهو متعد إلى اثنين {كَلِمَةً} المفعول الأول، وأخرت عن المفعول الثاني، وهو {مَثَلًا} لئلا تبعد عن صفتها، و {مَثَلًا} المفعول الثاني بمعنى جعلها مثلًا، وعلى هذا {كَشَجَرَةٍ} خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي كشجرة طيبة كما قاله ابن عطية، وأجازه الزمخشري، و {كَيْفَ} منصوب على الحال من المفعول الثاني الذي هو {مَثَلًا}، والتقدير: ألم تر ضرب الله مثلًا حالة كونه كيف؛ أي: حال كونه مسؤولًا عن حاله من غرابته. والاستفهام في {كَيْفَ} للتعجب، وفي {أَلَمْ تَرَ} للتقرير. والمثل عبارة عن قولٍ في شيء يشبه قولًا في شيء آخر بينما مشابهة


(١) الخازن.
(٢) الخازن.
(٣) الفتوحات.