للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بتخفيف الطاء. وقرأ طلحة: {ولو قطعت قلوبهم} خطابًا للرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أو كل مخاطب. وفي مصحف أبي: {حتى الممات} وفيه: {حتى تقطع}.

والمعنى (١): أن هذه الريبة باقية في قلوبهم أبدًا ويموتون على هذا النفاق وإلا بمعنى إلى بدليل القراءة الشاذة. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى: {عَلِيمٌ} بأحوالهم وأحوال جميع عباده {حَكِيمٌ} فيما حكم به عليهم، ومن حكمته أن بين حال المنافقين، وأظهر ما خفي من أمرهم لتعرفوا عنه الحقيقة في ذلك.

١١١ - {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى، {اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} المخلصين، {أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} وهذا ترغيب للمؤمنين في الجهاد على أبلغ وجه، وأحسن صورة فقد مثل الله سبحانه وتعالى إثابة المؤمنين على بذل أنفسهم وأموالهم في سبيله، بتمليكهم الجنة التي هي دار النعيم والرضوان الدائم السرمدي، تفضلًا منه تعالى، وكرمًا بصورة من باع شيئًا هو له لآخر، وعاقد عقد البيع هو رب العزة، والمبيع هو بذل الأنفس والأموال، والثمن هو ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وجعل هذا العقد مسجلًا في الكتب السماوية، وناهيك به من صك لا يقبل التحلل والفسخ، وفي هذا منتهى الربح والفوز العظيم، وكل هذا لطف منه تعالى وتكريم لعباده المؤمنين، فهو المالك لأنفسهم إذ هو الذي خلقها، ولأموالهم إذ هو الذي رزقها. وقال الحسن: بايعهم فأغلى لهم الثمن، وانظروا إلى كرم الله أنفسًا هو خلقها وأموالًا هو رزقها ثم وهبها لهم، ثم اشتراها منهم بهذا الثمن الغالي، فإنها لصفقة رابحة. وقال بعضهم، ناهيك، عن بيع البائع فيه المؤمن والمشتري فيه رب العزة، والثمن فيه الجنة، والصك فيه الكتب السماوية، والواسطة فيه محمَّد، - صلى الله عليه وسلم -. وقوله: {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} كلام مستأنف، لبيان البيع الذي يستلزمه الشراء، فكأنه قيل: كيف يبيعون أنفسهم وأموالهم بالجنة؟ فقيل: يقاتلون في سبيل الله؛ أي: أنهم يقاتلون في سبيل الحق والعدل التي توصل إلى مرضاة الله تعالى ببذل أنفسهم وأموالهم فيها؛ أي: يبذلون أنفسهم وأموالهم في طاعة الله تعالى {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}؛ أي: فيكونون


(١) المراح.