للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تشديد النون، وإذا لم تكن الواو، آثرت التخفيف. وقد جاء في السبعة مع الواو التشديد والتخفيف وقرأ عمرو بن فائد: {بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} على الإضافة؛ أي: بسورة كتاب أو كلام مثله؛ أي: مثل القرآن.

٣٩ - ثم انتقل من إظهار بطلان ما قالوه في القرآن، بتحديه لهم، إلى إظهار بطلانه ببيان أن كلامهم ناشيء من عدم علمهم بحقيقة أمره، واختبار حاله، فقال: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} وبل، فيه للإضراب الانتقالي أضرب بها عن الكلام الأول، وانتقل إلى بيان أنهم، سارعوا إلى تكذيب القرآن؛ أي: بل هم سارعوا إلى تكذيب القرآن، من غير أن يتدبروا ما فيه، ويقفوا على ما احتوى عليه من الأدلة والبراهين الدالة على حقيقته.

وقيل (١) معناه: بل كذبوا بما في القرآن من ذكر الجنة والنار والحشر والقيامة والثواب والعقاب وغيرها، مما لم يحيطوا بعلمه؛ لأنهم كانوا ينكرون ذلك له. وقيل: إنهم لما سمعوا ما في القرآن من القصص، وأخبار الأمم الحالية، ولم يكونوا سمعوها قبل ذلك .. أنكروها لجهلهم، فرد الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ}؛ لأن القرآن العظيم مشتمل على علوم كثيرة، لا يقدر على استيعابها وتحصيلها {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} معطوف على {لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ}؛ أي: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وبما لم يأتهم تأويله، أو هذه الجملة في محل نصب على الحال؛ أي: كذبوا به، حال كونهم لم يفهموا تأويل ما كذبوا به، ولا بلغته عقولهم.

والمعنى: أن التكذيب منهم وقع قبل الإحاطة بعلمه، وقيل: أن يعرفوا ما يؤول إليه من صدق ما اشتمل عليه، من حكاية ما سلف من أخبار الرسل المتقدمين، والأمم السابقين، ومن حكايات ما سيحدث، من الأمور المستقبلة التي أخبر عنها قبل كونها، أو قبل أن يفهموه حق الفهم.

وخلاصة ذلك: أنهم على إعجاز القرآن من جهة اللفظ والمعنى والإخبار


(١) الخازن.