تَخْسِيرٍ}؛ أي: غير إيقاعكم لي في الخسارة بأن تجعلوني خاسرًا بإبطال عملي، والتعرض لعقوبة الله تعالى، والمعنى: أخبروني إن كنتُ على بينة ونبوة من ربي، فلا أحد يمنعني من عذاب الله إن اتبعتكم، وعصيتُه، وحينئذ أكون خاسرًا مضيِّعًا لما أعطاني الله من الحق، وهَلْ رأيتم نبيًّا صار كافرًا؟ وكلُّ هذا منه لهم، اهـ "صاوي". قال الفراء: غَيْر تضليل، وإبعاد من الخير، أو فما تزيدونني بما تقولون غير بَصيرة في خسارتكم؛ أي: وما زادني قولُكم إلَّا قولي لكم: إنكم لخاسرون، أو المعنى: فما تفيدونني غير تَخسير إذْ لم يكن فيه أصلُ الخسران حتى يزيدوه، وحاصل المعنى: أي: فمن يمنعني من عذابه، إذا أنا كَتَمْتُ الرسالةَ أو كتمت ما يسوؤكم من بُطلان عبادةِ الأصنام، والأوثان تقليدًا لآباءكم؛ أي: لا أحَدَ يدفع ذلك عني في هذه الحال، فلا أُبالي إذا انقطع رجاؤكم فيَّ، ولا بما أنتم فيه من شك وريب في أمري، ثم ذكر مآل أمره إذا هو اتبعهم فقال:{فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}؛ أي: فما تزيدونني باتقاء سوء ظنكم وارتيابكم غير إيقاعي في الخسران بإيثار ما عندكم على ما عند الله تعالى، واشتراءِ رضاكم بسخطه تعالى
٦٤ - {وَيَا قَوْمِ}؛ أي: ويا قومي {هَذِهِ} البهيمةُ التي خَرَجَتْ من الصخرة {نَاقَةُ اللَّهِ} الإضافة فيه للتشريف، كبيت الله؛ لأنه أخرجها لهم من صخرة في جوف الجبل حاملًا من ذكر على تلك الصورة دفعة واحدة وقد حصل منها لبنٌ كثيرٌ يكفي الخلقَ العظيمَ؛ أي: هذه ناقة ممتازة عن سائر الإبل بما ترَوْن من أكْلِها وشربها، وجميع شؤونِها، قد جعلها الله سبحانه وتعالى {لَكُمْ آيَةً} بينة منه، ومعجزةً باهرةً تدل على صدقي، وعلى إهلاككم إن أنتم خالفتم أمره فيها {فَذَرُوهَا}؛ أي: فاتركوها، وخلوها {تَأْكُلْ} وتَشْرَبُ فهو من باب الاكتفاء نظيرَ قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}؛ أي: والبردَ مِمَّا {فِي أَرْضِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى، من المراعِي والمياه، تَرْعَ نباتَها وتشرب ماءها، فليس عليكم كلفة في مؤونتها، وكانت هي تنفعهم، ولا تَضُرُّهم, لأنهم كانوا ينتفعون بلبنها، وقرأَتْ (١) فرقة (تأكُلُ) بالرفع على الاستئناف أو على الحال {وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ}؛