للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} تعليل للأمر بالخروج؛ أي: مطرود عن كل خير وكرامة، فإن من يطرد يرجم بالحجارة، إهانة له، أو شيطان يرجم بالشهب السماوية، أو الأثيرية. وإلى الثاني ذهب بعض أهل الحقائق.

فإن قلت (١): إذا كان الرجم بمعنى الطرد، وكذلك اللعنة، لزم التكرار فما الفرق؟.

قلت: الفرق يحصل بحمل الرجم على الطرد من الجنة، أو السماء، وبحمل اللعنة على معنى الطرد من الرحمة، فيكون أبلغ، ويحصل الفرق، ويزول التكرار، اهـ «خازن».

٧٨ - {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي}؛ أي: إبعادي عن الرحمة، فإن اللعن: طرد، أو إبعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع عن قبول فيضه وتوفيقه، ومن الإنسان دعاء على غيره.

وتقييدها (٢) بالإضافة مع إطلاقها في قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ} لما أن لعنة اللاعنين من الملائكة، والثقلين أيضًا من جهته تعالى، وأنهم يدعون عليه بلعنة الله، وإبعاده من الرحمة، قال بعضهم: اللعنة المطلقة أيضًا هي لعنة الله تعالى؛ لأن اللام عوض عن المضاف إليه، فمآل الآيتين واحد. ويجوز أن يكون المعنى: وإن عليك لعنتي على ألسنة عبادي يلعنونك {إِلى يَوْمِ الدِّينِ}؛ أي: إلى يوم الجزاء والعقوبة.

قال زكريا (٣): قال سبحانه في سورة الحجر: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ} بتعريف الجنس، ليناسب ما قبله من التعبير في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ} {وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ}، وقال هنا: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي} بالإضافة ليناسب ما قبله من قوله: {لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، انتهى.


(١) الخازن.
(٢) روح البيان.
(٣) متشابه القرآن.