للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الباقون في الأربعة المواضع المذكورة في هذه السورة بفتح الواو واللام، وقد قدمنا الفرق بين القراءتين.

٨٩ - فقال الله تعالى وعزتي وجلالي {لَقَدْ جِئْتُمْ} أيها القائلون بمقالكم هذا {شَيْئًا إِدًّا}؛ أي (١): شيئًا منكرًا عظيمًا يدل على الجرأة على الله، وكمال القِحَةِ عليه سبحانه، وإنه ليغضبه أشد الغضب، ويسخطه أعظم السخط، والإد (٢) والإدة بكسرهما: العجب والأمر الفظيع، والداهية والمنكر كالأد بالفتح، كما في "القاموس" أي: فعلتم أمرًا منكرًا شديدًا لا يقادر قدره، فإن جاء وأتى يستعملان بمعنى فعل فيعديان تعديته.

وقرأ الجمهور: {إِدًّا} بكسر الهمزة، وعلي بن أبي طالب، وأبو عبد الرحمن: بفتحها، وقرأ ابن عباس، وأبو العالية {إِدًّا} مثل مادا.

٩٠ - {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ}؛ أي: تقرب السموات السبع من أن {يَتَفَطَّرْنَ} ويتشققن مرةً بعد أخرى {مِنْهُ}؛ أي: من قولهم اتخذ الرحمن ولدًا {وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ}؛ أي: وتكاد الأرض أن تنشق وتنصدع أجزاؤها، وتنخسف بهم من ذلك القول {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ}؛ أي: وتكاد الجبال أن تخر وتسقط منطبقةً عليهم، وتهد {هَدًّا}؛ أي: تسقط سقوطًا، وتنهدم هدمًا، وتنكسر كسرًا من ذلك القول، والهد: الهدم الشديد، والكسر كالهدود، كما في "القاموس" فهو (٣) مصدر مؤكد لمحذوف هو حال من الجبال.

والمعنى: إن هول تلك الكلمة الشنعاء وعظمها، بحيث لو تصورت بصورة محسوسة، لم تطق بها هاتيك الأجرام العظام، وتفتتت من شدتها، أو إن فظاعتها في استجلاب الغضب واستيجاب السخط، بحيث لولا حلمه تعالى على أهل الأرض، وأنه لا يعاجلهم بالعقاب، لخرب العالم، وبدد قوائمه غضبًا على من تفوَّه بها.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.