أي: فليحذر ويجتنب الذين يخالفون أمره تعالى، ويعرضون عن طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: محنة وبلية في الدنيا، إما في البدن أو في المال، أو في الولد، كالمرض والقتل والهلاك وتسلط السلطان الجائر عليهم {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: شديد في الآخرة وقال بعضهم: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: بلية تظهر نفاقهم {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: عاجل في الدنيا، انتهى.
وكلمة (أو) لمنع الخلو دون الجمع، واعادة الفعل صريحًا للاعتناء بالتحذير، وفي ترتيب العذابين على المخالفة، دلالة على أن الأمر للوجوب، فيجب امتثال أمره، وتحرم مخالفته.
والآية تعم كل من خالف أمر الله تعالى، وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - واستمر على التقليد، من بعد ما تبين له الهدى، وظهر له الصواب، من الخطأ، وبعد أن أقام الأدلة على أنه نور السماوات والأرض. ثم حذر كل مخالف لرسوله،
٦٤ - ثم ختم السورة ببيان أنه المالك للموجودات بأسرها، خلقًا وملكًا وتصرفًا وإيجادًا وإعدامًا، بدءًا وإعادةً، فقال:{أَلَا} أي: انتبهوا أيها العباد، من سنة الغفلة، واعتقدوا بقلوبكم، وقولوا بالسنتكم {إِنَّ لِلَّهِ} سبحانه وتعالى لا لغيره {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: جميع ما فيهما من الموجودات بأسرها خلقًا وملكًا بدءًا وإعادةً. {قَدْ} يقال فيها، ما قيل في السابقة آنفًا {يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أيها المكلفون من الأحوال والأوضاع، التي من جملتها الموافقة والمخالفة والإخلاص والنفاق، فيجازيكم بحسب ذلك، ويعلم هنا بمعنى علم. {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} معطوف على {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ}. {وَيَوْمَ} مفعول به، لا ظرف؛ أي: يعلم ما أنتم عليه من الأحوال، ويعلم تحقيقًا يوم ترجعون إليه؛ أي: يوم يرد الخلائقق إليه للمجازاة، فيجازيكم فيه بما عملتم.
أو المعنى يعلم ما أنتم عليه أيها العباد، ويعلم يوم يرد المنافقون، المخالفون للأمر إليه تعالى، للجزاء والعقاب. فيرجعون من المرجع المتعدي، لا من الرجوع اللازم، والعلم بوقت وقوع الشيء، مستلزم للعلم بوقوعه على أبلغ وجه.