للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): يرجعون مبنيًا للمفعول. وقرأ ابن يعمر وابن أبي إسحاق وأبو عمرو، مبنيًا للفاعل، من الرجوع اللازم. والتفت من ضمير الخطاب في أنتم إلى ضمير الغيبة في يرجعون. ويجوز أن يكون، ما أنتم عليه خطابًا عامًا، ويكون يرجعون للمنافقين. والظاهر من السياق، أن هذا الوعيد للمنافقين، كما في "الشوكاني".

{فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}؛ أي: يخبر الخلائق بما عملوا في الدنيا، فلا يعاقبهم ولا يثيبهم إلا بعد إخبارهم بما عملوا وبيانه، أو يخبر المنافقيق بما عملوا في الدنيا، من الأعمال السيئة، التي من جملتها مخالفة الأمر؛ أي (٢): يظهر لهم على رؤوس الأشهاد، ويعلمهم أي شيء شنيع عملوا في الدنيا، ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء، وعبر عن إظهاره بالتنبئة، لما بينهما من الملابسة، في أنهما سببان للعلم، تنبيهًا على أنهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه، غافلين عن سوء عاقبته، لغلبة أحكام الكثرة الخلقية الإمكانية، وآثار الأمزجة الطبيعية الحيوانية نشأتهم.

{وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وإن كان المنافقون يجتهدون في ستر أعمالهم عن العيون، وإخفائها.

ومعنى الآية (٣): في أنه تعالى مالك السماوات والأرض، وأنه عالم بما يعمل العباد، كما قال: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦١)}.

وقال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} ثم هدد وتوعد، فقال: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}؛ أي: ويوم يرجع الخلائق إلى ربهم


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.