أو استئناف من الله، يدل على ما هو المقتضي للطاعة في ذلك،
٦٥ - ولما كان الطريق القويم يجب الاجتماع عليه، والاتفاق على سلوكه، بين أنهم خالفوا ذلك فاختلفوا فيه، فقال:{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ}؛ أي: فاختلفت الفرق المتخربة من اليهود والنصارى في شأن عيسى عليه السلام، بعد رفعه إلى السماء اختلافًا ناشئًا {مِنْ بَيْنِهِمْ}؛ أي: من قبل أنفسهم لم يدخلهم الاختلاف من غيرهم، فقالت اليهود لعنهم الله تعالى: ابن زانية زنت أمه بيوسف النجار، وقالت اليعقوبية من النصارى: هو الله، وقالت النسطورية: وابن الله، وقالت الملكانية: هو شريك الله، وقالت المرقوسية: هو ثالث ثلاثة.
وفي "التأويلات النجمية": تفرق قومه الذين بعث إليهم أحزابًا وفرقًا، حزب آمنوا به أنه عبد الله ورسوله، وحزب آمنوا به أنه ثالث ثلاثة فعبدوه بالألوهية، وحزب اتخذوه ولدًا لله وابنًا له، تعالى الله عما يقول الظالمون، وحزب كفروا به وجحدوا نبوته، وظلموا عليه، وأرادوا قتله. وقيل: المراد بالأحزاب: الذين تحزبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذبوه وهم المرادون بقوله:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ}. والأول أولى. فقال الله في حق الظالمين المشركين:{فَوَيْلٌ}؛ أي: فشدة عذاب {لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} من هؤلاء المتحزبين، الذين وضعوا القول في غير موضعه، ففيه إظهار في مقام الإضمار، تسجيلًا عليهم باسم الظلم {مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ}؛ أي: وجيع عذابه، وهو يوم القيامة، والمراد: يوم أليم العذاب، كقوله: في يوم عاصف؛ أي: عاصف الريح.
٦٦ - والاستفهام في قوله:{هَلْ يَنْظُرُونَ} للإنكار، والضمير لكفار مكة؛ أي: ما ينتظر هؤلاء المشركون، وقيل: للأحزاب المختلفة؛ أي: ما ينتظر هؤلاء الأحزاب المتفرقة، وهذا أوفق بمقتضى السياق، وقيل: جميع الكفرة، وهذا أولى لعمومه؛ أي: ما ينتظر الكفار ولا يرتقبون {إِلَّا السَّاعَةَ} والقيامة {أَنْ تَأْتِيَهُمْ} بدل (١) من الساعة؛ أي: إلا إتيانَ الساعة، ولما كانت الساعة تأتيهم لا محالة كانوا كأنَّهم ينتظرونها، وانتصاب {بَغْتَةً} على المصدرية؛ أي: إتيان بغتة وفجأة. قال في "الإرشاد":