من قبل أنفسهم، وهم الذين دنسوها بسيء الأعمال، فاستحقوا على ذلك شديد العقاب.
٤٨ - {وَيَقُولُونَ}؛ أي: ويقول كفار قريش للرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ومن اتبعه من المؤمنين، مكذبين له فيما أخبرهم به، من نزول العذاب بالأعداء، والنصرة للأولياء {مَتَى} يقع {هَذَا الْوَعْدُ}؛ أي: هذا العذاب الموعود الذي تعدوننا به {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في قولكم: إن الله تعالى سينتقم لكم منا، وينصركم علينا؛ أي: في نحو ما جاء في قوله: {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦)}.
٤٩ - وقد لقن الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الجواب عن هذا السؤال بقوله:{قُلْ}: أيها الرسول لمن يستعجل الوعيد، ويقول لك متى هذا الوعد، إني بشر رسول {لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي} فضلًا عن غيري {ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}؛ أي؛ شيئًا من التصرف في الضر، فأدفعه عنها، ولا شيئًا من النفع، فأجلبه لها، من غير طريق الأسباب، التي يقدر عليها غيري، وليس منها إنزال العذاب بالكفار المعاندين، ولا بذل النصر والمعونة للمؤمنين {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى؛ أي: لكن ما شاء الله تعالى من ذلك العذاب الموعود، يكون متى شاء، ولا شأن لي فيه؛ لأنه خاص بمقام الربوبية دون الرسالة، التي من وظيفتها التبليغ لا التكوين وقد جاء في معنى الآية، قوله تعالى:{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أو المعنى (١): قل لهم يا محمد؛ لا أملك ضرًّا؛ أي: دفع ضر عنها، من مرض وفقر، ولا نفعًا؛ أي: ولا جلب نفع لها، من صحة أو غنى، ولكن ما شاء الله من ذلك كائن، فكيف أملك لكم الضر وجلب العذاب؟.
{لِكُلِّ أُمَّةٍ} من الأمم الذين أصروا على تكذيب رسولهم {أَجَلٌ} مؤقت