للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسعادتهم في الدنيا والآخرة.

٨ - وقوله: {لِلْفُقَرَاءِ} قيل (١): هو بدل من قوله: {لذي القربى} وما عطف عليه؛ أي: وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى للفقراء المهاجرين. ولا يصح أن يكون بدلًا من {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} لئلا يلزم وصف الله تعالى والرسول بالفقر.

والمعنى عليه: أنه أراد بهؤلاء الأربعة السالفين: فقراء المهاجرين الذين اضطرهم كفار مكة إلى الخروج من ديارهم وترك أموالهم، طلبًا لمرضاة الله، ونيلًا لثوابه، ونصرة لله ورسوله، وإعلاء لشأن دينه.

وقيل: تقدير الكلام: كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم، ولكن يكون للفقراء المهاجرين.

وقيل (٢): متعلق بمحذوف، تقديره: تعجبوا من حال الفقراء المهاجرين، ويكون خطابًا لكل من يصلح منه التعجب والتأمل في حال المهاجرين، حيث تركوا أوطانهم، وأموالهم، وتحملوا الضيق والتغرب في حب النبي - صلى الله عليه وسلم - والإِسلام. وفي هذا نوع تخويف ونوع توبيخ للكفار والمنافقين القاطنين بأوطانهم مع الأمن والسعة، ولم يؤمنوا، فليتهم اعتبروا بالمهاجرين.

ومعنى {الْمُهَاجِرِينَ}؛ أي: الذين هاجروا وارتحلوا من أوطانهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغبة في الدّين ونصرة له. ومعنى {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}؛ أي: أخرجهم كفار مكة منها، واضطروهم إلى الخروج وكانوا مئة رجل. وقال قتادة: هؤلاء المهاجرون هم الذين تركوا الديار والأموال والأهلين حال كونهم {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ} تعالى في الدنيا {وَرِضْوَانًا} منه في الآخرة؛ أي (٣): حال كونهم طالبين منه تعالى رزقًا في الدنيا ومرضاة في الآخرة. وصفوا أولًا بما يدل على استحقاقهم للفيء من الإخراج من الديار، وقد أعاد ذلك ثانيًا بما يوجب تفخيم شأنهم، ويؤكده، فهو حال من واو {أُخْرِجُوا}. وفي ذكر حالهم ترقّ من العالي إلى الأعلى، فإن رضوان الله أكبر من عطاء الدنيا.

{وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}؛ عطف على {يَبْتَغُونَ}، فهي حال مقدرة؛ أي: ناوين


(١) الشوكاني.
(٢) الفتوحات.
(٣) روح البيان.