للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابن محيصن وحميد وابن كثير وابن أبي إسحاق (١): {لا يسمع} بالتحتية المفتوحة وبفتح الميم، {الصم} بضم الميم، فاعله، وقرأ الباقون: {تُسمع} بضم الفوقية وكسر الميم، {الصم} بفتح الميم من أسمع الرباعي.

قال قتادة الأصم إذا ولى مدبرًا ثم ناديته لم يسمع، كذلك الكافر لا يسمع ما يُدعى إليه من الإيمان.

وقصارى ما سلف: أنه تعالى أمر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بالتوكل عليه، والإعراض عما سواه؛ لأنه على الحق المبين، ومن سواه على الباطل، ولأنه تعالى مؤيده وناصره، ولأنه لا مطمع في مشايعة المشركين، ومعاضدتهم؛ لأنهم كالموتى، وكالصم البكم، فلا أمل في استجابتم للدعوة، ولا في قبولهم للحق.

٨١ - ثم أكد ما سلف وقطع أطماعه في إيمانهم على أتم وجه، فقال: {وَمَا أَنْتَ} يا محمد {بِهَادِي الْعُمْيِ}؛ أي: بمرشد العميان وصارفهم، {عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} وغوايتهم إلى الحق هداية موصلة إلى المطلوب، فإن الاهتداء لا يحصل إلا بالبصر، و {عَنْ} متعلقة بالهداية (٢)، باعتبار تضمنها لمعنى الصرف، والعُميُ جمع أعمى، والعمى فقدان البصر، فشُبِّه من افتقد البصيرة بمن فَقَدَ البصر في عدم الهداية.

قال في "المفردات": لم يعد تعالى افتقاد البصر في جانب افتقاد البصيرة عمى، حيث قال: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}؛ أي: ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الحق إرشادًا يوصله إلى المطلوب منه، وهو الإيمان، وليس في وسعك ذلك، ومثله قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}.

وقرأ الجمهور (٣): {بِهَادِي الْعُمْيِ} بإضافة هادي إلى العمي، وقرأ يحيى بن الحارث وأبو حيوة: {بهاد} منونًا {العميَ} بالنصب، وقرأ الأعمش وطلحة وابن وثاب وابن يعمر وحمزة: {تهدي} مضارع هدى {العميَ} بالنصب، وقرأ ابن


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.