للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ساكن الميم، وهو مضارع متع مخففًا، وهو معطوف على ليكفروا، وقرأ: {فسوف يعلمون} بالياء على الغيبة وقد رواهما مكحول الشامي عن أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتمتع هنا بالحياة الدنيا ومآلها إلى الزوال.

٥٦ - ثم حكى سبحانه نوعًا آخر من قبائح أعمالهم {وَيَجْعَلُونَ}؛ أي: كفار مكة بعد ما وقع منهم الجؤار إلى الله سبحانه في كشف الضر عنهم، وبعد ما يعقب كشفه عنهم من الكفر منهم بالله والإشراك به {لِمَا لَا يَعْلَمُونَ}؛ أي للأصنام التي لا يعلم الكفار حقيقتها وقدرها الخسيس، ويعتقدون فيها أنها تنفع وتضر، وتشفع عند الله تعالى، وقيل: المعنى: أنهم؛ أي: الكفار يجعلون للأصنام وهم - أي الأصنام - لا يعلمون شيئًا لكونهم جمادات، ففاعل يعلمون على هذا هي الأصنام، وأجراها مجرى العقلاء في جمعها بالواو والنون جريًا على اعتقاد الكفار فيها.

وحاصل المعنى: ويجعل هؤلاء الكفار للأصنام التي لا تعقل شيئًا {نَصِيبًا}؛ أي: حظًّا وجزءًا {مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ}؛ أي: من الأموال التي رزقناهم إياها من الزرع والأنعام وغيرهما تقربًا إليها، {فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} وهي؛ أي: الأصنام لا تشعر أجعلوا لها نصيبًا وحظًّا في أنعامهم وزروعهم أم لا، {تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ} أيها الكفار يوم القيامة سؤال توبيخ وتقريع {عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} في الدنيا، وتختلقونه من الكذب على الله تعالى بأنها آلهة حقيقة بأن يتقرب إليها؛ أي: أقسم لأسألنكم عما افتريتموه واختلقتموه من الباطل، ولأعاقبنكم على ذلك عقوبة تكون كفاء كفرانكم نعمي وافترائكم عليَّ، ونحو الآية: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)}.

٥٧ - ثم ذكر نوعًا آخر من قبائحهم فقال: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ} سبحانه وتعالى {الْبَنَاتِ}؛ أي: وينسب بعض الكفار البنات إلى الله سبحانه، ويقولون: الملائكة بنات الله، وهم خزاعة وكنانة، وإنَّما (١) أطلقوا لفظ البنات على الملائكة


(١) الخازن.