للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ...} الآية.

وأخرج ابن جرير عن حضرميّ: أنه ذكر له أنّ جنيًّا من الجن من أشرافهم ذا تبع قال: إنما يريد محمد أن يجيره الله وأنا أجيره، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ ...} الآية.

التفسير وأوجه القراءة

١ - {قُلْ} يا محمد لقومك ليعرفوا بذلك أنّك مبعوث إلى الجنّ كالإنس {أُوحِيَ إِلَيَّ}؛ أي: ألقي عليّ بطريق الوحي، واخبرت بإعلام من لله تعالى. والإيحاء: إعلام في خفاء. وفائدة (١) إخباره بهذه الأخبار بيان أنه رسول الثقلين، والنهي عن الشرك والحث على التوحيد، فإن الجن مع تمردهم وعدم مجانستهم إذا آمنوا فكيف لا يؤمن البشر مع سهولة طبعهم ومجانستهم؟. {أَنَّهُ} بفتح الهمزة؛ لأنّه نائب فاعل لـ {أُوحِيَ}. وعند الكوفيين والأخفش يجوز نيابة الجار والمجرور مع غيره، والضمير للشأن والحديث؛ أي: إنَّ الشأن والحديث {اسْتَمَعَ}؛ أي: أصغى القرآن أو طه أو اقرأ وقد حذف لدلالة ما بعده عليه. والاستماع: الإصغاء، والمستمع من كان قاصدًا للسماع مصغيًا إليه، والسامع: من اتفق سماعه من غير قصد إليه، فكل مستمتع سامع من غير عكس. {نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}؛ أي: جماعة منهم ما بين الثلاثة والعشرة. قال في "القاموس": النفر: ما دون العشرة من الرجال كالنفير، والجمع أنفار. وفي"المفردات": النفر: عدة رجال يمكنهم النفر إلى الحرب. والجن واحده جني كروم ورومي ونحوه.

وقرأ الجمهور (٢): {قُلْ أُوحِيَ} رباعيًا. وقرأ ابن أبي عبلة، وأبو إياس جوبة بن عائد الأسدي، والعتكي عن أبي عمرو {وحي} ثلاثيًا، يقال: وحي وأوحي بمعنى واحد، وهما لغتان. وقرأ زيد بن عليّ، وجوبة فيما روى عن الكسائي، وابن أبي عبلة أيضًا {أحي} بإبدال الواو همزة، ما قالوا في وعد: أعد. وقال الزمخشري: وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة انتهى. وليس كما ذكر بل في


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.