للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وابن عيسى، وابن جبير، وابن جريز: {كيد سحر} بكسر السين وسكون الحاء، وإضافة الكيد إلى السحر على الاتساع، من غير تقدير، أو بتقدير: ذي سحر، أو ذوي سحر أو هم لمشغولهم في سحرهم، كأنهم السحر بعينه وبذاته، أو بيِّن الكيد؛ لأنه يكون سحرًا وغير سحر، نظير علم فقه، وعلم نحو.

وقرأ الباقون: {كيد ساحر} بألف اسم فاعل من سحر، وأفرد {ساحر} من حيث إن فعل الجميع نوع واحد من السحر تلك الحبال والعصي، فكأنه صدر من ساحر واحد، لعدم اختلاف أنواعه، وقرأت فرقة: {أين أتى}؛ أي: لا يظفر ببغيته حيث توجه وسلك.

٧٠ - قوله: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} معطوف على جمل محذوفة، والتقدير: فزال إيجاس الخليفة، وألقى ما في يمينه، وتلقفت حبالهم وعصيهم، ثم انقلبت عصا، وفقدوا الحبال والعصي، وعلموا أن ذلك معجز ليس في طوق البشر {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ}؛ أي (١): فألقى ذلك الأمر الذي شاهدوه من موسى، من اليد والعصا، السحرةَ على الأرض، حالة كونهم {سُجَّدًا}؛ أي: ساجدين لله تعالى، وجاء التركيب {فألقى السحرة} ولم يأت فسجدوا، كأنه جاءهم أمر وأزعجهم وأخذهم، فصنع بهم ذلك، وهو عبارة عن سرعة ما تأثروا لذلك الخارق العظيم، فلم يتمالكوا أن وقعوا ساجدين لله. وقوله: {قَالُوا} مستأنف استئنافًا بيانيًا، كانه قيل: ماذا قالوا في سجودهم، فقيل: قالوا أي: قالت السحرة في سجودهم: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} هو وقال رئيسهم: كنا نغالب الناس بالسحر، وكانت الآلات تبقى علينا لو غُلبنا، فلو كان هذا سحرًا، فأين ما ألقيناه!؟ وإنما (٢) قدم هارون على موسى هنا في حكاية كلامهم، رعاية لفواصل الآي وعنايةً بتوافق رؤوسها، أو لأن فرعون ربَّى موسى من صغره، فلو اقتصر على موسى أو قدم ذكره، فربما توهم أن المراد بالرب فرعون، وذكر هارون على الاستتباع، أو قدم هارون لأنه كان أكبر


(١) الشوكاني.
(٢) الخازن.