للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قدرته، فقال: إذن لا يقبل الله منك، ما كنت على دينك، فقال: يا إبراهيم لا أستطيع ترك ملكي، ولكن سوف أذبح له، فذبح القربان، وكف عن إبراهيم.

وكان وقت إلقائه فيها، ابن ست عشرة سنة، ذكره أبو السعود. وقيل: كان ابن ست وعشرين سنة، قاله الماوردي، والله أعلم. روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لمّا ألقي إبراهيم في النار، قال: اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في الأرض واحد أعبدك".

فائدة: فإن قلت: لم ابتلاه الله بالنار في نفسه؟

قلت: كل رسول يأتي بمعجزة تناسب أهل زمانه، فكان أهل ذلك الزمان، يعبدون النار والشمس والقمر والنجوم، معتقدين ألوهيتها وتاثيرها، فأراهم الله تعالى، أنها لا تأثير لها.

٧٠ - {وَأَرَادُوا}؛ أي: وأراد نمرود وقومه {بِهِ}؛ أي: بإبراهيم عليه السلام، {كَيْدًا} أي: مكراً عظيمًا في الإضرار به {فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ}؛ أي: من ذوي الخسران والوبال، فإنهم خسروا السعي والنفقة، فلم يحصلى لهم مرادهم، وهلكوا بإرسال الله عليهم البعوض، فأكلت لحومهم، وشربت دماؤهم، ودخلت في دماغ نمرود بعوضة فأهلكته. أو المعنى {جعلناهم من الأخسرين}؛ أي: من الهالكين بتسليط البعوض عليهم، وقتله إياهم، وهو أضعف خلق الله تعالى، وما برح النمرود، حتى رأى أصحابه، قد أكلت البعوض لحومهم، وشربت دماءهم، ووقعت واحدة في منخره، فلم تزل تأكل، إلى أن وصلت إلى دماغه، وكان أكرم الناس عليه، الذي يضرب رأسه بمرزبة من حديد، فأقام بهذا، نحوًا من أربع مئة سنة. وقال هنا: {من الأخسرين}، وفي الصافات: {من الأسفلين} لما تقدم على كل منهما، فتمت المناسبة في الموضعين.

٧١ - {وَنَجَّيْنَاهُ} أي: إبراهيم من الإحراق، ومن شر النمرود {وَ} نجينا معه {لُوطًا} ابن أخي إبراهيم هاران الأصغر من الخسف، وكان لهما أخ ثالث، اسمه: ناخور، والثلاثة أولاد آزر، وأما هاران الأكبر، فكان عمّا لإبراهيم، وكانت سارة بنت عم إبراهيم، الذي هو هاران الأكبر مهاجرين {إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي