للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد اختلف (١) في من القائل لفرعون بهذه المقالة، فقيل: هي من قول الله سبحانه، وقيل: من قول جبريل، وقيل: من قول ميكائيل، وقيل: من قول فرعون، قال ذلك في نفسه لنفسه. والظاهر (٢) أن قوله: {آلْآنَ} إلى آخره من كلام الله تعالى، على لسان ملك، ويدل على هذا القول قوله سبحانه وتعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}.

٩٢ - {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}؛ أي: فاليوم نجعلك على نجوة من الأرض ببدنك؛ أي: على مكان مرتفع من الأرض، ينظر إليك من كذب بهلاكك {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}؛ أي: لتكون عبرة لمن بعدك من الناس، يعتبرون بك فينزجرون عن معصية الله، والكفر به، والسعي في الأرض بالفساد، وهذا آخر مقول جبريل. ووجه (٣) العبرة في ذلك أنه يكون شاهدًا على صدق وعد الله لرسله، ووعيده لأعدائهم، كطغاة مكة التي أنزلت هذه الآيات لإقامة حجج الله عليهم قبل غيرهم، والمعنى: ليعرفوا عبوديتك ويبطل دعوى ألوهيتك؛ لأن الإله لا يموت.

قال أهل التفسير (٤): لما أغرق الله سبحانه وتعالى فرعون وقومه، وأخبر موسى قومه بهلاك فرعون وقومه قالت بنو إسرائيل: ما مات فرعون، وإنما قالوا ذلك لعظمته عندهم وما حصل في قلوبهم من الرعب لأجله، فأمر الله عَزَّ وَجَلَّ البحر فألقى فرعون على الساحل أحمر قصيرًا، كأنه ثور، فرآه بنو إسرائيل فعرفوه، فمن ذلك الوقت، لا يقبل الماء الميت أبدًا، ولكن تحديد هذه البداية لا أصل له. ومعنى قوله: {بِبَدَنِكَ} يعني: نلقيك وأنت جسد لا روح فيه، وقيل: هذ الخطاب على سبيل التهكم والاستهزاء، كأنه قيل له: ننجيك، ولكن هذه النجاة، إنما تحصل لبدنك لا لروحك، وقيل: أراد بالبدن الدرع، وكان لفرعون درع من ذهب مرصع بالجواهر يعرف به، فلما رأوه في درعه ذلك عرفوه.

قرأ الجمهور (٥): {نُنَجِّيكَ} بالتشديد من التنجية. وقرأ يعقوب: {ننجيك}


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.
(٤) الخازن.
(٥) البحر المحيط.