للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا نظير حتى يشاركه في العبادة، فيلزم من ذلك أن تكون غير خالصة له سبحانه، فلما انتفى المشارك استحق الله سبحانه أن يفرد بالعبادة، وتخلص له، وهذا مبتي على أن المراد بالسمي هو الشريك في المسمى، وقيل: المراد به: الشريك في الاسم كما هو الظاهر من لغة العرب، فقيل: المعنى إنه لم يسم شيء من الأصنام ولا غيرها بالله قط، يعني: بعد دخول الألف واللام التي عوِّضت عن الهمزة، ولزمت، وقيل: المراد هل تعلم أحدًا اسمه الرحمن غيره.

قال الزجاج: تأويله - والله أعلم - هل تعلم له سميًا يستحق أن يقال له خالق، وقادر، وعالم بما كان وبما يكون، وعلى هذا لا سمي لله في جميع أسمائه؛ لأن غيره وإن سمي بشيء من أسمائه فلله سبحانه حقيقة ذلك الوصف، والمراد بنفي العلم المستفاد من الإنكار هنا نفي المعلوم على أبلغ وجه وأكمله.

والمعنى (١): هل تعلم له سبحانه شبيهًا ومثلًا يستحق العبادة، لكونه منعمًا متفضلًا بجليل النعم وحقيرها، ومن ثم يجب تعظيمه غاية التعظيم، بالاعتراف بربوبيته، والخضوع لسلطانه، روي (٢) أن بعض الجبابرة سمى نفسه بلفظ الجلالة فصهر ما في بطنه من دبره، وهلك من ساعته. وقال فرعون مصر للقبط: أنا ربكم الأعلى، ولم يقدر أن يقول أنا الله.

وقرأ الجمهور (٣): {هَلْ تَعْلَم} بإظهار اللام عند التاء، وقرأ الأخوان حمزة، والكسائي، وهشام وعلي بن نصر، وهارون كلاهما عن أبي عمرو، والحسن، والأعمش، وعيسى، وابن محيصن: بالإدغام فيهما قال أبو عبيدة: لغتان، وعلى الإدغام أنشدوا بيت مزاحم العقيلي:

فَذَرْ ذَا وَلَكِنْ هَلْ تُعِيْنُ مُتَيَّمَاً ... عَلَى ضَوْءِ بَرْقٍ آخِرَ اللَّيْلِ نَاصِبِ

٦٦ - {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ} بطريق الإنكار والاستبعاد للبعث، وهو أبيّ بن خلف حين فتّ عظمًا باليًا فقال: يزعم محمد أنا نبعث بعدما نموت ونصير إلى هذه الحال!


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.