للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢٥ - ثم علل انتفاء أن يكون للإنسان ما تمنى بقوله: {فَلِلَّهِ} سبحانه {الْآخِرَةُ وَالْأُولَى}؛ أي: إن أمور الآخرة والدنيا بأسرها لله عز وجل، فليس لهم معه تعالى أمر من الأمور. ومن جملة ذلك أمنياتهم الباطلة، وأطماعهم الفارغة. فالجملة تعليل لانتفاء أن يكون للإنسان ما يتمناه حتمًا. فإن اختصاص أمور الآخرة والأولى جميعًا به تعالى مقتض لانتفاء أن يكون له أمر من الأمور.

والمعنى (١): أي بل ألهم ما يتمنونه من شفاعة الآلهة يوم القيامة؟ كلا إنَّ هذا لن يكون، ولن يجديكم ذلك فتيلًا ولا قطميرًا، فإنَّ كل ما في الدنيا والآخرة فهو ملك له تعالى، ولا دخل لهذه الأصنام في شيء منه. وهذا تيئيس لهم من أن ينالوا خيرًا من عبادتها، والتقرب إليها، ولا تكون وسيلة لهم عند ربهم.

٢٦ - ثم حرمهم فائدة عبادتها من وجه آخر، فقال: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)} وهذا (٢) إقناط لهم مما علقوا به أطماعهم من شفاعة الملائكة لهم، موجب لإقناطهم عن شفاعة الأصنام بطريق الأولوية. و"كم" خبرية مفيدة للتكثير، محلها الرفع على الابتداء، والخبر هي الجملة المنفية. وجمع الضمير في {شَفَاعَتُهُمْ} مع إفراد الملك باعتبار المعنى، أي: وكثير (٣) من الملائكة لا تغني شفاعهم عند الله شيئًا من الإغناء في وقت من الأوقات، أي: لا تنفع شيئًا من النفع. وهو القليل منه أو شيئًا؛ أي: أحدًا. وليس المعنى: أنهم يشفعون فلا تنفع شفاعتهم، بل معناه: أنهم لا يشفعون. لأنه لا يؤذن لهم كما قال تعالى: {إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ} سبحانه لهم في الشفاعة {لِمَنْ يَشَاءُ} ويريد أن يشفعوا له {وَيَرْضَى} عنه، ويراه أهلًا للشفاعة من أهل التوحيد والإيمان. وأما من عداهم من أهل الكفر والطغيان فهم من إذن الله بمعزل ومن الشفاعة بألف منزل. فإذا كان حال الملائكة في باب الشفاعة كما ذكر فما ظنهم بحال الأصنام.

والمعنى (٤): أي وكثير من الملائكة لا تفيد شفاعتهم شيئًا إلا إذا أذن بها


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.