قلت: الطغيان فيه أخذ الزائد، والإخسار: إعطاء الناقص، والقسط: التوسط بين الطرفين المذمومين، انتهى.
١٠ - وبعد أن ذكر نعمه الدالة على قدرته برفع السماء ذكر مقابلها، وهو الأرض. فقال: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠)}؛ أي: والأرض بسطها على وجه الماء لسكنى الحيوان من كل ما له روح، وفيه حياة لينتفع بما في ظاهرها ومافي باطنها في معايشه على ضروب مختلفة وأشكال لا حصر لها. ولا وجه لتخصيص الأنام بالإنس والجن كما قيل. وهو جمع لا واحد له من لفظه بمعنى الخلق، والجن، والإنس مما على الأرض كما في "القاموس". فهي كالفراش والمهاد لهم، ينقلبون عليها، ويتصرفون فوقها. وقرأ الجمهور (١): {وَالْأَرْضَ} بالنصب على الاشتغال. وقرأ أبو السمال بالرفع على الابتداء.
١١ - وجملة قوله:{فِيهَا}؛ أي: في الأرض {فَاكِهَةٌ}؛ أي: ضروب كثيرة مما يتفكه به، ويتلذذ من أنواع الثمار، فلفظ فاكهة يشعر باختلاف الأنواع، في محل نصب على أنها حال مقدرة من الأرض، وقيل: مستأنفة لتقرير مضمون الجملة التي قبلها.
ثم أفرد سبحانه النخل بالذكر لشرفه، ومزيد فائدته على سائر الفواكه، فقال:{وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}؛ أي: وفيها النخل صاحبة الغلاف الذي يكون فيه الثمر أول ظهوره. والأكمام: جمع كم بالكسر. وهو وعاء الثمر. قال الحسن: ذات الأكمام؛ أي: ذات الليف. فإن النخلة تكتم بالليف، وكمامها ليفها، وقال ابن زيد: ذات الطلع قبل أن يتفتق، وقال عكرمة: ذات الأحمال؛ أي: وفيها النخل ذات الأوعية لثمرها حين ظهوره، وأفردها بالذكر لكثرتها بالبلاد العربية، وكثرة فوائدها؛ لأنّه ينتفع بثمارها رطبة ويابسة, وينتفع بجميع أجزائها، فيتخذ من خوصها السلال والزنابيل، ومن ليفها الحبال، ومن جريدها سقف البيوت، ويؤكل جمارها. ومن ثم ذكرها باسمها، وذكر الفاكهة دون أشجارها.
١٢ - {وَ} فيها {الْحَبُّ}؛ أي: جميع الحبوب التي يقتات بها: كالحنطة،