الدين في حفظ اللسان، ونور القلب في صلاة الليل، فعليك بالتدارك قبل فوت الوقت، فإن الوقت سيف قاطع.
٢٢ - ثم أقام الدليل على عدم التساوي، وأبان حكمة ذلك، فقال:{وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}؛ أي: لأجل إظهار الحق والعدل بين العباد، فالباء تعليلية بمعنى اللام، وقوله:{وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ} معطوف على {بِالْحَقِّ} عطف علة على علة؛ لأن الباء تعليلية؛ أي: ولتجزى كل نفس مكلفة {بِمَا كَسَبَتْ} من خير أو شر {وَهُمْ}؛ أي: النفوس المدلول عليها بكل نفس؛ أي: والحال أن الخلائق {لَا يُظْلَمُونَ} بنقص ثواب المحسن، أو بزيادة عقاب المسيء.
والمعنى (١): أن المقصود من خلق هذا العالم إظهار العدل والرحمة، وذلك لا يتم إلا إذا حصل البعث والقيامة، وحصل التفاوت في الدرجات والدركات بين المحقين والمبطلين، ويجوز أن يكون معطوفًا على علة محذوفة، تقديرها: وخلق الله السموات والأرض بالحق، ليدل بهما على قدرته، ولتجزى كل نفس، إلخ. وجوز ابن عطية أن تكون هذه اللام لام الصيرورة؛ أي: فصار الأمر منها من حيث اهتدى بها قوم، وضل عنها آخرون؛ لأن يجازى كل واحد بعمله، وبما اكتسب من خير أو شر، انتهى. ولا وقف على قوله:{بِالْحَقِّ} وعند أبي حاتم، فالوقف عليه تام بجعل لام {لتجزى} لام قسم؛ أي: لم يخلق الله السموات والأرض للجور والظلام، بل خلقهما للحق والعدل، ومن العدل أن يخالف بين المحسن والمسيء، في العاجل والآجل، وليثيب كل عامل بما هو له أهل، فلا يبخس المحسن ثواب إحسانه، أو يحمل عليه جرم غيره فيعاقبه به، أو يجعل للمسيء ثواب إحسان غيره.
والخلاصة: كل عامل يجزى بما كسبت يداه، ولا يظلم بنقص ثواب، ولا بتضعيف عقاب.
٢٣ - ثم بين أحوال الكافرين، وذكر جناياتهم على أنفسهم، فقال: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ